الإشارة بذلك إلى ما يتحصل لسامع الآية المتقدمة من الحتم عليهم بأنهم لا يؤمنون وهي قوله تعالى: وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ [الشعراء: ١٩٨] ، وسَلَكْناهُ معناه أدخلناه، والضمير فيه للكفر الذي يتضمنه قوله ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ [الشعراء: ١٩٨] قاله الحسن. قال الرماني لا وجه لهذا لأنه لم يجر ذكره وإنما الضمير للقرآن وإحضاره بالبال، وحكى الزهراوي أن الضمير للتكذيب المفهوم وحكاه الثعلبي، وقرأ ابن مسعود «كذلك جعلناه في قلوب» ، وروي عنه «نجعله» ، و «المجرمون» أراد بهم مجرمي كل أمة، أي إن هذه عادة الله تعالى فيهم، أنهم لا يؤمنون حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ فلا ينفعهم الإيمان بعد تلبس العذاب بهم وهذا على جهة المثال لقريش أي هؤلاء كذلك، وكشف الغيب ما تضمنته هذه الآية يوم بدر، وقرأ الجمهور «فيأتيهم» بالياء أي العذاب، وقرأ الحسن بن أبي الحسن «فتأتيهم» بالتاء من فوق يعني الساعة، وفي قراءة أبي بن كعب «فيروه بغتة» ومن قول كل أمة معذبة هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ أي مؤخرون، وهذا على جهة التمني منهم والرغبة حيث لا تنفع الرغبة، ثم رجع لفظ الآية إلى توبيخ قريش على استعجالهم عذاب الله تعالى في طلبهم سقوط السماء كسفا وغير ذلك وقولهم لمحمد صلى الله عليه وسلم أين ما تعدنا أي إنه لا ينبغي لهم ذلك لأن عذابنا بالمرصاد إذا حان أجله، ثم خاطب محمدا صلى الله عليه وسلم بإقامة الحجة عليهم في أن مدة الإرجاء والإمهال والإملاء لا تغني مع نزول العذاب بعدها ووقوع النقمة، وذلك في قوله تعالى: أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ الآية، قال عكرمة سِنِينَ يريد عمر الدنيا، ولأبي جعفر المنصور، قصة في هذه الآية، ثم أخبر تعالى أنه لم يهلك قرية من القرى إلا بعد إرسال من ينذرهم عذاب الله عز وجل ذِكْرى لهم وتبصرة وإقامة حجة لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، وذِكْرى عند الكسائي نصب على الحال، ويصح أن يكون في موضع نصب على المصدر، وهو قول الزجاج، ويصح أن يكون في موضع رفع على خبر الابتداء تقديره ذلك ذكرى، ثم نفى عن جهته عز وجل الظلم إذ هو مما لا يليق به.