وقال كثير من أهل اللغة: العوج- بكسر العين- في الأمور وفي الدين، وبالجملة في المعاني، والعوج- بفتح العين- في الأجرام.
قال القاضي أبو محمد: ويعترض هذا القانون بقوله تعالى: فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً [طه: ١٠٧] وقد تتداخل اللفظة مع الأخرى، ووصف «الضلال» بالبعد عبارة عن تعمقهم فيه.
هذه الآية طعن ورد على المستغربين أمر محمد عليه السلام، أي لست يا محمد ببدع من الرسل، وإنما أرسلناك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور على عادتنا في رسلنا، في أن نبعثهم بألسنة أممهم ليقع البيان والعبارة المتمكنة، ثم يكون سائر الناس من غير أهل اللسان عيالا في التبيين على أهل اللسان الذي يكون للنبي، وجعل الله العلة في إرسال الرسل بألسنة قومهم طلب البيان ثم قطع قوله: فَيُضِلُّ أي إن النبي إنما غايته أن يبلغ ويبين، وليس فيما كلف أن يهدي ويضل، بل ذلك بيد الله ينفذ فيه سابق قضائه، وله في ذلك العزة التي لا تعارض، والحكمة التي لا تعلل، لا رب غيره.
قال القاضي أبو محمد: فإن اعترض أعجمي بأن يقول: من أين يبين لي هذا الرسول الشريعة وأنا لا أفهمه؟ قيل له: أهل المعرفة باللسان يعبرون ذلك، وفي ذلك كفايتك.
فإن قال: ومن أين تتبين لي المعجزة وأفهم الإعجاز وأنا لا أفقه اللغة؟ قيل له: الحجة عليك إذعان أهل الفصاحة والذين كانوا يظن بهم أنهم قادرون على المعارضة وبإذعانهم قامت الحجة على البشر، كما قامت الحجة في معجزة موسى بإذعان السحرة، وفي معجزة عيسى بإذعان الأطباء.
و «اللسان» في هذه الآية يراد به اللغة.
وقرأ أبو السمال «بلسن» بسكون السين دون ألف- كريش ورياش- ويقال: لسن ولسان في اللغة، فأما العضو فلا يقال فيه لسن- بسكون السين.
وقوله: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى الآية، آيات الله هي العصا واليد وسائر التسع. وقوله: أَنْ أَخْرِجْ تقديره: بأن أخرج، ويجوز أن تكون أَنْ مفسرة لا موضع لها من الإعراب، وأما الظُّلُماتِ والنُّورِ فيحتمل أن يراد بها من الكفر إلى الإيمان. وهذا على ظاهر أمر بني إسرائيل في أنهم كانوا قبل