بسم الله الرّحمن الرّحيم
[سورة الانشقاق]
وهي مكية بلا خلاف بين المتأولين.
قوله عز وجل:
[سورة الانشقاق (٨٤) : الآيات ١ الى ١٥]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ (١) وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ (٢) وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (٣) وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ (٤)
وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ (٥) يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ (٦) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً (٨) وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً (٩)
وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ (١٠) فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً (١١) وَيَصْلى سَعِيراً (١٢) إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً (١٣) إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (١٤)
بَلى إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً (١٥)
هذه أوصاف يوم القيامة، و «انشقاق السماء» : هو تفطيرها لهول يوم القيامة، كما قال: وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ [الحاقة: ١٦] ، وقال الفراء والزجاج وغيره: هو تشققها بالغمام، وقال قوم:
تشققها تفتيحها أبوابا لنزول الملائكة وصعودهم في هول يوم القيامة، وقرأ أبو عمرو: «انشقت» يقف على التاء كأنه يشمها شيئا من الجر، وكذلك في أخواتها، قال أبو حاتم: سمعت إعرابا فصيحا في بلاد قيس بكسر هذه التاءات، وهي لغة، وَأَذِنَتْ معناه: استمتعت، وسمعت، أي أمره ونهيه، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن» ، ومنه قول الشاعر [قعنب بن أم صاحب] : [البسيط]
صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به ... وإن ذكرت بشرّ عندهم أذنوا
وقوله تعالى: وَحُقَّتْ، قال ابن عباس وابن جبير معناه: وحق لها أن تسمع وتطيع، ويحتمل أن يريد: وحق لها أن تنشق لشدة الهول وخوف الله تعالى، و «مد الأرض» : هو إزالة جبالها حتى لا يبقى فيها عوج ولا أمت فذلك مدها، وفي الحديث: «إن الله تعالى يمد الأرض يوم القيامة مد الأديم العكاظي» .
وَأَلْقَتْ ما فِيها: يريد الموتى قاله الجمهور، وقال الزجاج: ومن الكنوز، وهذا ضعيف لأن ذلك يكون وقت خروج الدجال، وإنما تلقي يوم القيامة الموتى، وَتَخَلَّتْ معناه: خلت عما كان فيها أي لم تتمسك منهم بشيء، وقوله تعالى: يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ مخاطبة للجنس، و «الكادح» : العامل بشدة وسرعة واجتهاد