الآية، حكم عليهم بهذا الحكم لكفرهم وإصرارهم حتى حل العذاب بهم، و «اللعنة» : الإبعاد والخزي، وقد تيقن أن هؤلاء وافوا على الكفر فيلعن الكافر الموافي على كفره ولا يلعن معين حي، لا من.
كافر، ولا من فاسق، ولا من بهيمة، كل ذلك مكروه بالأحاديث. ويَوْمَ ظرف معناه أن اللعنة عليهم في الدنيا وفي يوم القيامة. ثم ذكرت العلة الموجبة لذلك وهي كفرهم بربهم وتعدى «كفر» بغير الحرف إذ هو بمعنى جَحَدُوا كما تقول شكرت لك وشكرتك، وكفر نعمته وكفر بنعمته، وبُعْداً منصوب بفعل مقدر وهو مقام ذلك الفعل.
التقدير: وأرسلنا إلى ثمود وقد تقدم القول في مثل هذا وفي معنى الأخوة في قصة هود.
وقرأ الجمهور:«وإلى ثمود» بغير صرف، وقرأ ابن وثاب والأعمش «وإلى ثمود» بالصرف حيث وقع، فالأولى على إرادة القبيلة، والثانية على إرادة الحي، وفي هذه الألفاظ الدالة على الجموع ما يكثر فيه إرادة الحي كقريش وثقيف وما لا يقال فيه بنو فلان وفيها ما يكثر فيه إرادة القبيلة كتميم وتغلب، ألا ترى أنهم يقولون تغلب ابنة وائل، وقال الطرماح:[الطويل]«إذا نهلت منه تميم وعلّت» وقال الآخر: [المتقارب]«تميم ابن مر وأشياعها» وفيها ما يكثر فيه الوجهان كثمود وسبأ، فالقراءتان هنا فصيحتان مستعملتان. وقرأت فرقة «غيره» برفع الراء، وقد تقدم آنفا.
وأَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ، أي اخترعكم وأوجدكم، وذلك باختراع آدم عليه السّلام: فكأن إنشاء آدم إنشاء لبنيه. وَاسْتَعْمَرَكُمْ، أي اتخذكم عمارا، كما تقول: استكتب واستعمل. وذهب قوم إلى أنها من العمر أي عمركم، وقد تقدم مثل قوله: فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ.
إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ، أي إجابته وغفرانه قريب ممن آمن وأناب، ومُجِيبٌ، معناه بشرط المشيئة والظاهر الذي حكاه جمهور المفسرين أن قوله: مَرْجُوًّا معناه: مسودا نؤمل فيك أن تكون سيدا سادّا مسدّ الأكابر، ثم قرروه على جهة التوبيخ في زعمهم بقولهم: أَتَنْهانا وحكى النقاش عن بعضهم أنه قال: معناه حقيرا.