[الشورى: ٥] لأنه معلوم أن الملائكة لا تستغفر لكافر، وقد يجوز أن يقال معنى ذلك أنهم يستغفرون للكفار، بمعنى طلب هدايتهم والمغفرة لهم بعد ذلك، وعلى هذا النحو هو استغفار إبراهيم لأبيه واستغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم للمنافقين. وبلغني أن رجلا قال لبعض الصالحين ادع لي واستغفر لي، فقال له: تب واتبع سبيل الله يستغفر لك من هو خير مني، وتلا هذه الآية. وقال مطرف بن الشخير: وجدنا أنصح العباد للعباد الملائكة، وأغش العباد للعباد الشياطين، وتلا هذه الآية. وروى جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«أذن لي أن أحدث عن ملك من حملة العرش بين شحمة أذنه وعاتقه مسيرة سبعمائة سنة» وقرأت فرقة: «العرش» بضم العين، والجمهور على فتحها.
يقولون، ومعناه: وسعت رحمتك وعلمك كل شيء، وهذا نحو قولهم: تفقأت شحما وتصببت عرقا وطبت نفسا. وسبيل الله المتبعة: هي الشرائع.
وقرأ جمهور الناس:«جنات عدن» على جمع الجنات. وقرأ الأعمش في رواية المفضل:«جنة عدن» على الإفراد، وكذلك هو في مصحف ابن مسعود. والعدن: الإقامة.
وقوله: وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ روي عن سعيد بن جبير في تفسير ذلك: أن الرجل يدخل الجنة قبل قرابته فيقول: أين أبي؟ أين أمي؟ أين زوجتي؟ فيلحقون به لصلاحهم ولتنبيهه عليهم وطلبه إياهم، وهذه دعوة الملائكة: وقرأ عيسى بن عمر: «وذريتهم» بالإفراد.
وقوله: وَقِهِمُ أصله أوقهم، حذفت الواو اتباعا لحذفها في المستقبل، واستغني عن ألف الوصل لتحرك القاف، ومعناه: اجعل لهم وقاية تقيهم السَّيِّئاتِ، واللفظ يحتمل أن يكون الدعاء في دفع العذاب اللاحق من السَّيِّئاتِ، فيكون في اللفظ على هذا حذف مضاف، كأنه قال: وقهم جزاء السيئات.
ثم أخبر تعالى بحال الكفار وجعل ذلك عقب حال المؤمنين ليبين الفرق، وروي أن هذه الحال تكون للكفار عند دخولهم النار، فإنهم إذا أدخلوا فيها مقتوا أنفسهم، أي مقت بعضهم بعضا. ويحتمل أن يمقت كل واحد نفسه، فإن العبارة تحتمل المعنيين، والمقت هو احتقار وبغض عن ذنب وريبة. هذا حده، وإذا