للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحقق وقوعه، وهذا النداء من أهل الجنة لأهل النار تقريع وتوبيخ وزيادة في الكرب وهو بأن يشرفوا عليهم ويخلق الإدراك في الأسماع والأبصار، وقرأ جمهور الناس «نعم» بفتح العين، وقرأ الكسائي «نعم» بكسر العين ورويت عن عمر بن الخطاب وعن النبي صلى الله عليه وسلم وقرأها ابن وثاب والأعمش قال الأخفش هما لغتان، ولم يحك سيبويه الكسر، وقال: «نعم» عدة وتصديق أي مرة هذا ومرة هذا، وفي كتاب أبي حاتم عن الكسائي عن شيخ من ولد الزبير قال: ما كنت أسمع أشياخ قريش يقولون: إلا «نعم» بكسر العين ثم فقدتها بعده، وفيه عن قتادة عن رجل من خثعم قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: أنت تزعم أنك نبي:؟ قال: «نعم» بكسر العين، وفيه عن أبي عثمان النهدي قال: سأل عمر عن شيء فقالوا نعم، فقال عمر: النعم الإبل والشاء، قولوا «نعم» بكسر العين. قال أبو حاتم: وهذه اللغة لا تعرف اليوم بالحرمين، وقوله فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ الآية قال أبو علي الفارسي والطبري وغيرهما: «أذن مؤذن» بمعنى أعلم معلم، قال سيبويه: أذنت إعلام بتصويت، وقرأ ابن كثير في رواية قنبل ونافع وأبو عمرو وعاصم «أن» لعنة الله» بتخفيف «أن» من الثقيلة ورفع اللعنة.

وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وابن كثير في رواية البزي وشبل «أنّ لعنة» بتثقيل «أنّ» ونصب اللعنة، وكلهم قرأ التي في النور أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ [النور: ٧] وأَنَّ غَضَبَ اللَّهِ [النور: ٩] بتشديد النون غير نافع فإنه قرأهما «أن لعنة الله وأن غضب» مخففتين، وروى عصمة عن الأعمش «مؤذن بينهم إن» بكسر الألف على إضمار قال.

قال القاضي أبو محمد: لما كان الأذان قولا، و «الظالمون» في هذه الآية: الكافرون، ثم ابتدأ صفتهم بأفعالهم في الدنيا ليكون علامة أن أهل هذه الصفة هم المراد يوم القيامة بقوله أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ويَصُدُّونَ معناه يعرضون، و «السبيل» الطريق والمنهج ويذكر ويؤنث وتأنيثها أكثر، وَيَبْغُونَها معناه: يطلبونها أو يطلبون لها، فإن قدرت يطلبونها ف عِوَجاً نصب على الحال، ويصح أن يكون من الضمير العائد على السبيل أي معوجه، ويصح أن يكون من ضمير الجماعة في يَبْغُونَها أي معوجين، وإن قدرت يَبْغُونَها يطلبون لها وهو ظاهر تأويل الطبري رحمه الله ف عِوَجاً مفعول بيبغون، والعوج بكسر العين في الأمور والمعاني، والعوج بفتح العين في الأجرام والمتنصبات.

قوله عز وجل:

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٤٦ الى ٤٨]

وَبَيْنَهُما حِجابٌ وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ (٤٦) وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤٧) وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (٤٨)

الضمير في قوله وَبَيْنَهُما عائد على الجنة والنار، ويحتمل على الجمعين إذ يتضمنهما قوله تعالى: وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ [الأعراف: ٤٤] ، و «الحجاب» : هو السور الذي ذكره عز

<<  <  ج: ص:  >  >>