للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم، وقرأ أبو عمرو وابن كثير «أ. ذا. أ. نا» مهموز، غير أن أبا عمرو يمد وابن كثير لا يمد، وقرأ عاصم وحمزة «أإذا أإنا» بهمزتين فيهما، وقرأ نافع «إذا» مكسورة الألف «أنا.» ممدوة الألف، وقرأ الباقون «آيذا» ممدودة «إننا» بنونين وكسر الألف، ثم ذكر الكفار أن هذه المقالة مما قد وعد بها قبل وردوا على جميع الأنبياء وجعلوها من الأساطير، ثم وعظهم تعالى بحال من كذب من الأمم فأمر نبيه أن يأمرهم بالسير والتطلع على حال مجرمي الأمم وبالحذر أن يصيبهم مثل ما أصاب أولئك، وهذا التحذير يقتضيه المعنى، ثم سلى نبيه عليه السلام عنهم، وهذا بحسب ما كان عنده من الحرص عليهم الاهتمام بأمرهم، وقرأ ابن كثير «في ضيق» بكسر الضاد ورويت عن نافع، وقرأ الباقون بفتحها و «والضّيق» و «الضّيق» مصدران بمعنى واحد، وكره أبو علي أن يكون «ضيق» كهين ولين مسهلة من ضيق قال: لأن ذلك يقتضي أن تقام الصفة مقام الموصوف، ثم ذكر استعجال قريش بأمر الساعة والعذاب بقولهم مَتى هذَا الْوَعْدُ، على معنى التعجيز للواعد به، فأمر تعالى نبيه أن يتوعدهم بأنه عسى أن يأذن الله في أن يقرب منهم بعض ما استعجلوه من الساعة والعذاب.

ورَدِفَ معناه قرب وأزف قاله ابن عباس وغيره، ولكنها عبارة عما يجيء بعد الشيء قريبا منه ولكونه بمعنى هذه الأفعال الواقعة تعدى بحرف وإلا فبابه أن يتجاوز بنفسه، وقرأ الجمهور بكسر الدال، وقرأ الأعرج «ردف» بفتح الدال، وقرأ جمهور الناس، «تكن» من أكن وقرأ ابن محيصن وابن السميفع «تكن» من كن وهما بمعنى.

قوله عز وجل:

[سورة النمل (٢٧) : الآيات ٧٥ الى ٨٢]

وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٧٥) إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٧٦) وَإِنَّهُ لَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (٧٧) إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (٧٨) فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (٧٩)

إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (٨٠) وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (٨١) وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ (٨٢)

التاء في غائِبَةٍ للمبالغة، أي ما من شيء في غائبة الغيب والخفاء إِلَّا فِي كِتابٍ عند الله عز وجل وفي مكنون علمه، ثم نبه تعالى على إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ أخبر بَنِي إِسْرائِيلَ بأكثر الأشياء التي كان بينهم الخلاف في صفتها فجاءت في القرآن على وجهها، ثم وصفه تعالى بأنه هدى ورحمة للمؤمنين، كما أنه عمى على الكافرين المحتوم عليهم ومعنى ذلك أن كفرهم استتب مع قيام الحجة ووضوح الطريق فكثر عماهم بهذه الجهة ثم أخبر أن ذلك كله بقضاء من الله وحكم قضاه فيهم وبينهم، ثم أمره بالتوكل عليه والثقة بالله وبأنه عَلَى الْحَقِّ أي إنك الجدير بالنصرة والظهور، ثم سلاه عنهم وشبههم ب الْمَوْتى من

<<  <  ج: ص:  >  >>