للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لاغِيَةً مصدر كالعاقبة والخائنة، وقرأ الجحدري «لا تسمع» بضم التاء، «لاغية» بالنصب، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: «لا يسمع» بالياء من تحت مضمومة «لاغية» بالرفع، وهي قراءة ابن محيصن وعيسى والجحدري أيضا. إلا أنه قرأ «لاغية» بالنصب على معنى لا يسمع أحد كلمة لاغية من قولك أسمعت زيدا.

وقرأ الباقون ونافع في رواية خارجة والحسن وأبو رجاء وأبو جعفر وقتادة وابن سيرين وأبو عمرو بخلاف عنه «لا تسمع» بفتح التاء ونصب «لاغية» ، والمعنى إما على الكلمة وإما على الفئة، والفاعل ب «تسمع» إما الوجوه وإما محمد صلى الله عليه وسلم قاله الحسن وإنما أنت أيها المخاطب عموما، واللغو سقط القول، فذلك يجمع الفحش وسائر الكلام السفساف الناقص وليس في الجنة نقصان ولا عيب في فعل ولا قول، والحمد لله ولي النعمة.

قوله عز وجل:

[سورة الغاشية (٨٨) : الآيات ١٢ الى ٢٦]

فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ (١٢) فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (١٣) وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ (١٤) وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ (١٥) وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (١٦)

أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧) وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (١٨) وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (١٩) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (٢٠) فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١)

لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢) إِلاَّ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ (٢٤) إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ (٢٥) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ (٢٦)

عَيْنٌ في هذه الآية اسم جنس، ويحتمل أن تكون عينا مخصوصة ذكرت على جهة التشريف لها. و «رفع السرر» أشرف لها، و «الأكواب» أوان كالأباريق لا عرى لها ولا آذان ولا خراطيم، وشكلها عند العرب معروف. ومَوْضُوعَةٌ معناه بأشربتها معدة و «النمرقة» الوسادة، ويقال نمرقة بكسر النون والراء وقال زهير: [الطويل]

كهولا وشبانا حسانا وجوههم ... على سرر مصفوفة ونمارق

و «الزرابي» واحدتها زريبة، ويقال بفتح الزاي وهي كالطنافس لها خمل، قاله الفراء وهي ملونات، ومَبْثُوثَةٌ معناه كثيرة متفرقة، ثم أقام تعالى الحجة على منكري قدرته على بعث الأجساد بأن وقفهم على موضع العبرة في مخلوقاته، والْإِبِلِ في هذه الآية هي الجمال المعروفة، هذا قول جمهور المتأولين، وفي الجمل آيات وعبر لمن تأمل ليس في الحيوان ما يقوم من البروك بحمله سواه وهو على قوته غاية في الانقياد. قال الثعلبي في بعض التفاسير: إن فأرة جرت بزمام ناقة فتبعتها حتى دخلت الجحر فبركت الناقة وأذنت رأسها من فم الحجر، وكان سريح القاضي يقول لأصحابة: اخرجوا بنا إلى الكناسة حتى ننظر؟؟؟ إلى الإبل كيف خلقت، وقال أبو العباس المبرد الْإِبِلِ هنا السحاب، لأن العرب قد تسميها بذلك إذ تأتيها أرسالا كالإبل وتزجى كما تزجى الإبل في هيئتها أحيانا تشبه الإبل والنعام، ومنه قول الشاعر:

[المتقارب]

<<  <  ج: ص:  >  >>