قالت فرقة: هذه الآية في الخلفاء الأربعة ومعنى هذا التخصيص أن هؤلاء خاصة مكنوا في الأرض من جملة الذين يقاتلون المذكورين في صدر الآية، والعموم في هذا كله أبين وبه يتجه الأمر في جميع الناس، وإنما الآية آخذة عهدا على كل من مكنه الله، كل على قدر ما مكن، فأما الصَّلاةَ والزَّكاةَ فكل مأخوذ بإقامتها وأما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فكل بحسب قوته والآية أمكن ما هي في الملوك، و «المعروف» والْمُنْكَرِ يعمان الإيمان والكفر فما دونهما، وقالت فرقة: نزلت هذه الآية في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة من الناس وهذا على أن الَّذِينَ بدل من قوله يُقاتَلُونَ [الحج: ٣٩] أو على أن الَّذِينَ تابع ل مِنْ في قوله مَنْ يَنْصُرُهُ [الحج: ٤٠] ، وقوله وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ توعد للمخالف عن هذه الأوامر التي تقتضيها الآية لمن مكن، وقوله وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ يعني قريشا وهذه آية تسلية للنبي عليه السلام ووعيد لقريش، وذلك أنه مثلهم بالأمم المكذبة المعذبة وأسند فعلا فيه علامة التأنيث إلى قوم من حيث أراد الأمة والقبيلة ليطرد القول في عادٌ وَثَمُودُ وقَوْمُ نُوحٍ هم أول أمة كذبت نبيها ثم أسند التكذيب في موسى عليه السلام إلى من لم يسم من حيث لم يكذبه قومه بل كذبه القبط وقومه به مؤمنون، و «أمليت» ، معناه فأمهلت وكأن الإمهال أن تمهل من تنوي فيه المعاقبة، وأنت في حين إمهالك عالم بفعله. و «النكير» ، مصدر كالعذير بمعنى الإنكار والإعذار وهو في هذه المصادر بناء مبالغة فمعنى هذه الآية فكما فعلت بهذه الأمم كذلك أفعل بقومك.
«كأين» هي كاف التشبيه دخلت على «أي» قاله سيبويه وقد أوعبت القول في هذه اللفظة وقراءتها في سورة آل عمران في قوله وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ [آل عمران: ١٤٦] ، وهي لفظة إخبار وقد تجيء استفهاما، وحكى الفراء «كأين مالك» ، وقرأت فرقة «أهلكناها» ، وقرأت فرقة «أهلكتها» ، بالإفراد والمراد أهل القرية وظالِمَةٌ معناه بالكفر، وخاوِيَةٌ، معناه خالية ومنه خوى النجم إذا خلا من النور، ونحوه ساقطة عَلى عُرُوشِها، والعروش السقوف والمعنى أن السقوف سقطت ثم وقعت الحيطان عليها فهي