وبئس إنما تدخلان على معرف بالألف واللام أو مضاف إلى معرف بذلك، والمذموم هنا محذوف، تقديره بئس المثوى مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ، و «المتكبر» هنا هو الذي أفضى به كبره إلى الكفر، وقوله وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا الآية، لما وصف تعالى مقالة الكفار الذين قالوا أساطير الأولين، عادل ذلك بذكر مقالة المؤمنين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأوجب لكل فريق ما يستحق لتتباين المنازل بين الكفر والإيمان، وماذا تحتمل ما ذكر في التي قبلها، وقولهم خَيْراً جواب بحسب السؤال، واختلف المتأولون في قوله تعالى لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا إلى آخر الآية، فقالت فرقة: هو ابتداء كلام من الله مقطوع مما قبله، لكنه بالمعنى وعد متصل بذكر إحسان المتقين في مقالتهم، وقالت فرقة: هو من كلام الذين قالُوا خَيْراً وهو تفسير للخير الذي أنزل الله في الوحي على نبينا خبرا أن من أحسن في الدنيا بطاعة فله حسنة في الدنيا ونعيم في الآخرة بدخول الجنة، وروى أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إن الله لا يظلم المؤمن حسنة يثاب عليها الرزق في الدنيا ويجزى بها في الآخرة» . وقد تقدم القول في إضافة «الدار» إلى الآخرة وباقي الآية بين.
جَنَّاتُ عَدْنٍ يحتمل أن يرتفع على خبر ابتداء مضمر بتقدير هي جنات عدن، ويحتمل أن يرتفع بقوله وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ [النحل: ٣٠] جَنَّاتُ عَدْنٍ ويحتمل أن يكون التقدير، لهم جنات عدن، ويحتمل أن يكون جَنَّاتُ مبتدأ وخبره يَدْخُلُونَها، وقرأ زيد بن ثابت وأبو عبد الرحمن «جنات» بالنصب، وهذا نحو قولهم زيد ضربته، وقرأ جمهور الناس «يدخلونها» ، وقرأ إسماعيل عن نافع «يدخلونها» بضم الياء وفتح الخاء، ولا يصح هذا عن نافع، ورويت عن أبي جعفر وشيبة بن نصاح، وقوله تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ في موضع الحال وباقي الآية بين. وقرأ الجمهور «تتوفاهم» بالتاء، وقرأ الأعمش «يتوفاهم» بالياء من تحت، وفي مصحف ابن مسعود «توفاهم» بتاء واحدة في الموضعين، وطَيِّبِينَ عبارة عن صلاح حالهم واستعدادهم للموت، وهذا بخلاف ما قال في الكفرة ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ [النحل: ٢٨] ، والطيب الذي لا خبث معه، ومنه قوله تعالى طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ [الزمر: ٧٣] وقول الملائكة: سَلامٌ عَلَيْكُمْ، بشارة من الله تعالى، وفي هذا المعنى أحاديث صحاح يطول ذكرها وقوله بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أي بما كان في أعمالكم من تكسبكم، وهذا على التجوز، علق دخولهم الجنة بأعمالهم من حيث جعل الأعمال أمارة لإدخال العبد الجنة، ويعترض في هذا المعنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا يدخل الجنة أحد بعمله» ، قالوا: ولا أنت يا رسول الله، قال:«ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بفضل منه ورحمة» وهذه الآية ترد بالتأويل إلى معنى الحديث.