وجد الخضر قاعدا على تيح البحر، وسمي الخضر خضرا لأنه جلس على فروة يابسة فاهتزت تحته خضراء، روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، و «الرحمة» في هذه الآية النبوءة، وقد ذكرنا الحديث المضمن أن سبب هذه القصة أن موسى عليه السلام، قيل له تعلم أحدا أعلم منك، قال: لا، وحكى الطبري حديثا آخر، مضمنه: أن موسى عليه السلام قال: من قبل نفسه: أي رب، أي عبادك أعلم؟ قال الذي يبتغي علم الناس إلى علمه عسى أن يصيب كلمة خير تهديه، قال رب فهل في الأرض أحد؟ قال نعم فسأل السبيل إلى لقيه، والحديث الأول في صحيح البخاري، وقرأ الجمهور «من لدنّا» بتشديد النون وقرأ أبو عمرو من «لدنا» بضم الدال وتخفيف النون، قال أبو حاتم هما لغتان.
هذه مخاطبة المستنزل المبالغ في حسن الأدب، المعنى: هل يتفق لك ويخف عليك، وهذا كما في الحديث «هل تستطيع أن تريني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ» وعلى بعض التأويلات يجيء كذلك قوله هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً [المائدة: ١١٢] وقرأ ابن كثير ونافع وعاصم «رشدا» بضم الراء والشين، وقرأ أبو عمرو «رشدا» بفتح الراء والشين، ونصبه على وجهين: أحدهما: أن يكون مفعولا ثانيا ب تُعَلِّمَنِ والآخر أن يكون حالا من الضمير في قوله أَتَّبِعُكَ ثم قال الخضر، إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً أي إنك يا موسى، لا تطيق أن تصبر على ما تراه من عملي، لأن الظواهر التي علمك لا تعطيه، وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما تراه خطأ، ولم تخبر بوجه الحكمة فيه ولا طريق الصواب، فقرب له موسى الأمر بوعده أنه سيجده، ثم استثنى حين حكم على نفسه بأمر فقوى الخضر وصاته وأمره بالإمساك عن السؤال والإكنان لما يراه حتى يبتدئه الخضر لشرح ما يجب شرحه، وقرأ نافع فلا «تسألنّي» بفتح اللام، وتشديد النون وإثبات الياء وقرأ ابن عامر كذلك إلا أنه حذف الباء فقال «تسألنّ» ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي «تسألني» بسكون اللام وثبوت الياء، وقرأ الجمهور «خبرا» بسكون الباء، وقرأ الأعرج «خبرا» بضمها، وقوله فَانْطَلَقا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهما انطلقا ماشيين على سيف البحر حتى مرت بهما سفينة، فعرف الخضر فحملا بغير قول إلى مقصد أمه الخضر، وعرفت السَّفِينَةِ بالألف واللام تعريف الجنس لا لعهد عينها، فلما ركبا عمد الخضر إلى وتد فجعل يضرب في جنب السفينة حتى قلع به، فيما روي لوحين من ألواحها فذلك هو معنى خَرَقَها فلما