للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أي على كل شيء مقدور، هُوَ الْأَوَّلُ الذي ليس لوجوده بداية مفتتحة. وَالْآخِرُ الدائم الذي ليس له نهاية منقضية. قال أبو بكر الوراق هُوَ الْأَوَّلُ بالأزلية، وَالْآخِرُ بالأبدية، وهُوَ الْأَوَّلُ بالوجود، إذ كل موجود فبعده وبه. وَالْآخِرُ إذا ترقى العقل في الموجودات حتى يكون إليه منتهاها، قال عز وجل: وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى [النجم: ٤٢] .

وَالظَّاهِرُ معناه بالأدلة ونظر العقول في صنعته. وَالْباطِنُ بلطفه وغوامض حكمته وباهر صفاته التي لا يصل إلى معرفتها على ما هي عليه الأوهام.

ويحتمل أن يريد بقوله: الظَّاهِرُ وَالْباطِنُ أي الذي بهر وملك فيما ظهر للعقول وفيما خفي عنها فليس في الظاهر غيره حسب قيام الأدلة، وليس في باطن الأمر وفيما خفي عن النظرة مما عسى أن يتوهم غيره.

وقوله تعالى: وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ عام في الأشياء عموما تاما. وقد تقدم القول في خلق السماوات والأرض. وأكثر الناس على أن بدأة الخلق هي في يوم الأحد، ووقع في مسلم: أن البدأة في يوم السبت، وقال بعض المفسرين: الأيام الستة من أيام القيامة. وقال الجمهور: بل من أيام الدنيا.

قال القاضي أبو محمد: وهو الأصوب.

والاستواء على العرش هو بالغلبة والقهر المستمرين بالقدرة، وليس في ذلك ما في قهر العباد من المحاولة والتعب. وقد تقدم القول في مسألة الاستواء مستوعبا في: «طه» وغيرها.

و: ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ هو المطر والأموات وغير ذلك، وَما يَخْرُجُ مِنْها النبات والمعادن وغير ذلك. وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ الملائكة والرحمة والعذاب وغير ذلك. وَما يَعْرُجُ الأعمال صالحها وسيئها والملائكة وغير ذلك.

وقوله تعالى: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ معناه بقدرته وعلمه وإحاطته. وهذه آية أجمعت الأمة على هذا التأويل فيها، وأنها مخرجة عن معنى لفظها المعهود، ودخل في الإجماع من يقول بأن المشتبه كله ينبغي أن يمر ويؤمن به ولا يفسر فقد أجمعوا على تأويل هذه لبيان وجوب إخراجها عن ظاهرها. قال سفيان الثوري معناه: علمه معكم، وتأولهم هذه حجة عليهم في غيرها.

وقوله عز وجل:

[سورة الحديد (٥٧) : الآيات ٥ الى ٩]

لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٥) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٦) آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (٧) وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٨) هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٩)

قوله تعالى: وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ خبر يعم جميع الموجودات، والْأُمُورُ هنا ليست جمع

<<  <  ج: ص:  >  >>