شَهِيدٌ اسم الجنس، فتشهد بالخير الملائكة والبقاع، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم:«لا يسمع مدى صوت المؤذن إنس ولا جن ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة» . وكذلك يشهد بالشر الملائكة والبقاع والجوارح. وقال أبو هريرة: السائق: ملك، والشهيد: العمل. وقال ابن مسلم: السائق: شيطان. حكاه عنه الثعلبي والقول في كتاب منذر بن سعيد وهو ضعيف.
قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (٢٧) قالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (٢٨)
قرأ الجحدري:«لقد كنت» على مخاطبة النفس وكذلك كسر الكافات بعد.
وقال صالح بن كيسان والضحاك وابن عباس معنى قوله: لَقَدْ كُنْتَ أي يقال للكافر الغافل من ذوي النفس التي معها السائق والشهيد إذا حصل بين يدي الرحمن وعاين الحقائق التي كان لا يصدق بها في الدنيا ويتغافل عن النظر فيها، لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا، فلما كشف الغطاء عنك الآن احتد بصرك أي بصيرتك وهذا كما تقول: فلان حديد الذهن والفؤاد ونحوه، وقال مجاهد: هو بصر العين إذا احتد التفاته إلى ميزانه وغير ذلك من أهوال القيامة.
وقال زيد بن أسلم قوله تعالى: ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ [ق: ١٩] وقوله تعالى: لَقَدْ كُنْتَ الآية، مخاطبة لمحمد صلى الله عليه وسلم، والمعنى أنه خوطب بهذا في الدنيا، أي لقد كنت يا محمد في غفلة من معرفة هذا القصص والغيب حتى أرسلناك وأنعمنا عليك وعلمناك، فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ، وهذا التأويل يضعف من وجوه، أحدها أن الغفلة إنما تنسب أبدا إلى مقصر، ومحمد صلى الله عليه وسلم لا تقصير له قبل بعثه ولا بعده وثان: أن قوله: بعد هذا: وَقالَ قَرِينُهُ يقتضي أن الضمير إنما يعود على أقرب مذكور، وهو الذي يقال له فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ وإن جعلناه عائدا على ذي النفس في الآية المتقدمة جاء هذا الاعتراض لمحمد صلى الله عليه وسلم بين الكلامين غير متمكن فتأمله. وثالث: أن معنى توقيف الكافر وتوبيخه على حاله في الدنيا يسقط، وهو أحرى بالآية وأولى بالرصف، والوجه عندي ما قاله الحسن وسالم بن عبد الله إنها مخاطبة للإنسان ذي النفس المذكورة من مؤمن وكافر.
و: فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ، قال ابن عباس: هي الحياة بعد الموت، وينظر إلى معنى كشف