قراءة ابن مسعود ومسروق بخلاف عنه وأبي زرعة بن عمر وابن جرير وابن وثاب وطلحة، وقرأ أبو بكر عن عاصم «بزينة» بالتنوين «الكواكب» بالنصب وهي قراءة ابن وثاب وأبي عمرو والأعمش ومسروق، وهذا في الإعراب نحو قوله عز وجل: أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ [البلد: ١٤] .
وحكى الزهراوي قراءة «بزينة» بالتنوين «الكواكب» بالرفع، و «المارد» المتجرد للشر ومنه شجرة مرداء لا ورق عليها، ومنه الأمرد وخص تعالى السماء الدنيا بالذكر لأنها التي تباشر بأبصارنا وأيضا فالحفظ من الشيطان إنما هو فيه وحدها، وَحِفْظاً نصب على المصدر وقيل مفعول من أجله والواو زائدة.
الْمَلَإِ الْأَعْلى أهل السماء الدنيا فما فوقها، ويسمى الكل منهم أعلى بالإضافة إلى ملإ الأرض الذي هو أسفل، والضمير في يَسَّمَّعُونَ للشياطين، وقرأ جمهور القراء والناس «يسمعون» بسكون السين وتخفيف الميم، وقرأ حمزة وعاصم في رواية حفص وابن عباس بخلاف عنه وابن وثاب وعبد الله بن مسلم وطلحة والأعمش «لا يسّمّعون» بشد السين والميم بمعنى لا يتسمعون فينتفي على القراءة الأولى سمعهم وإن كانوا يستمعون وهو المعنى الصحيح، ويعضده قوله تعالى إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ [الشعراء: ٢١٢] وينتفي على القراءة الآخرة أن يقع منهم استماع أو سماع، وظاهر الأحاديث أنهم يستمعون حتى الآن لكنهم لا يسمعون وإن سمع منهم أحد شيئا لم يفلت الشهاب قبل أن يلقي ذلك السمع إلى الذي تحته، لأن من وقت محمد صلى الله عليه وسلم ملئت السماء حرسا شديدا وشهبا، وكان الرجم في الجاهلية أخف، وروي في هذا المعنى أحاديث صحاح مضمنها أن الشياطين كانت تصعد إلى السماء فتقعد للسمع واحدا فوق آخر يتقدم الأجسر نحو السماء ثم الذي يليه فيقضي الله تعالى الأمر في الأمور في الأرض، فيتحدث به أهل السماء، فيسمعه منهم ذلك الشيطان الأدنى، فيلقيه إلى الذي تحته، فربما أحرقه شهاب وقد ألقى الكلام، وربما لم يحرقه جملة فينزل تلك الكلمة إلى الكهان فيكذبون معها مائة كذبة، فتصدق تلك الكلمة، فيصدق الجاهلون الجميع، فلما جاء الله تعالى بالإسلام حرست السماء بشدة فلم يفلت شيطان سمع بتة، ويروى أنها لا تسمع شيئا الآن، والكواكب الراجمة هي التي يراها الناس تنقض منقضية، قال النقاش ومكي: وليست بالكواكب الجارية في السماء لأن تلك لا ترى حركتها وهذه الراجمة ترى حركتها لقربها منا.
قال القاضي أبو محمد: وفي هذا نظر، وَيُقْذَفُونَ معناه ويرجمون، و «الدحور» الإصغار والإهانة لأن الدحر الدفع بعنف، وقال مجاهد مطرودين، وقرأ الجمهور «دحورا» ، بضم الدال، وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، «دحورا» بفتح الدال، و «الواصب» الدائم، قاله مجاهد وقتادة وعكرمة، وقال السدي وأبو صالح: