أن الأمر واجب في ذلك، وقالت فرقة الزَّبُورِ اسم يعم جميع الكتب المنزلة لأنه مأخوذ من زبرت الكتاب إذا كتبته، قالت هذه الفرقة والذِّكْرِ أراد به اللوح المحفوظ، وقال بعضهم الذِّكْرِ الذي في السماء، وقالت فرقة الزَّبُورِ هو اسم زبور داود، والذِّكْرِ أراد به التوراة، وقالت فرقة الزَّبُورِ ما بعد التوراة من الكتب، والذِّكْرِ التوراة، وقرأ حمزة وحده «الزّبور» بضم الزاي، وقالت فرقة الْأَرْضَ أراد بها أرض الدنيا أي كل ما يناله المؤمنون من الأرض، وقالت فرقة أراد أرض الجنة، واستشهدت بقوله تعالى وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ [الزمر: ٧٤] وقالت فرقة إنما أراد بهذه الآية الإخبار عما كان صنعه مع بني إسرائيل أي فاعلموا أنا كما وفينا لهم بما وعدناهم فكذلك ننجز لكم ما وعدناكم من النصرة.
قالت فرقة الإشارة بقوله فِي هذا إلى هذه الآيات المتقدمة، وقالت فرقة الإشارة إلى القرآن بجملته، و «العبادة» تتضمن الإيمان بالله تعالى، وقوله إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ قالت فرقة عم العالمين وهو يريد من آمن فقط، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس برحمة على من كفر به ومات على الكفر، وقالت فرقة «العالمون» عام ورحمته للمؤمنين بينة وهي للكافرين بأن الله تعالى رفع عن الأمم أن يصيبهم ما كان يصيب القرون قبلهم من أنواع العذاب المستأصلة كالطوفان وغيره.
قال القاضي أبو محمد: ويحتمل الكلام أن يكون معناه «وما أرسلناك للعالمين إلا رحمة» أي هو رحمة في نفسه وهذا بين أخذ به من أخذ، وأعرض عنه من أعرض، وقوله تعالى آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ معناه عرفتكم بنذارتي وأردت أن تشاركوني في معرفة ما عندي من الخوف عليكم من الله تعالى، ثم أعلمهم بأنه لا يعرف تعيين وقت لعقابهم بل هو مترقب في القرب والبعد وهذا أهول وأخوف.
الضمير في قوله إِنَّهُ عائد على الله عز وجل، وفي هذه الآية تهديد أي يعلم جميع الأشياء الواقعة منكم وهو بالمرصاد في الجزاء عليها، وقرأ يحيى بن عامر «وإن أدري لعله وإن أدري أقريب» بفتح الياء فيهما وأنكر ابن مجاهد فتح هذه الياء ووجهه أبو الفتح، قوله لَعَلَّهُ الضمير فيه عائد على الإملاء لهم