طلاقا وهو قول عائشة أيضا. واختلف الناس في التخيير إذا اختارت المرأة نفسها، فقال مالك: هي طالق ثلاثا ولا مناكرة للزوج بخلاف التمليك، وقال غيره هي طلقة بائنة، وقال بعض الصحابة إذا خير الرجل امرأته فاختارته فهي طلقة وهذا مخالف جدا، وقوله تعالى: إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا أي إن كانت عظم همتكن ومطلبكن الدنيا أي التعمق فيها والنيل من نعيمها وزينة الدنيا المال والبنون. فَتَعالَيْنَ دعاء، وأُمَتِّعْكُنَّ معناه أعطيكن المتاع الذي ندب الله تعالى له في قوله وَمَتِّعُوهُنَّ [البقرة: ٢٣٦] ، وأكثر الناس على أنها من المندوب إليه، وقالت فرقة هي واجبة، والسراح الجميل يحتمل أن يكون ما دون بت الطلاق ويحتمل أن يكون في بقاء جميل المتعقد وحسن العشرة وجميل الثناء وإن كان الطلاق باتا وأَعَدَّ معناه يسر وهيأ و «المحسنات» الطائعات لله والرسول.
قال الفقيه الإمام القاضي: وأزواج النبي اللواتي نزلت فيهن تسع، خمس من قريش، عائشة بنت أبي بكر الصديق، وحفصة بنت عمر بن الخطاب، وأم حبيبة بنت أبي سفيان، وسودة بنت زمعة، وأم سلمة بنت أبي أمية، وأربع من غير قريش، ميمونة بنت الحارث الهلالية، وصفية بنت حيي بن أخطب الخيبرية، وزينب بنت جحش الأسدية، وجويرية بنت الحارث المصطلقية.
قال الفقيه الإمام القاضي: وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج من إيلائه الشهر ونزلت عليه هذه الآية بدأ بعائشة وقال: «يا عائشة إني ذاكر لك أمرا ولا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك» ثم تلا عليها الآية، فقالت له: وفي أي هذا أستأمر أبوي فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة، قالت وقد علم أن أبوي لا يأمراني بفراقه ثم تتابع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم على مثل قول عائشة فاخترن الله ورسوله رضي الله عنهن.
قال أبو رافع كان عمر كثيرا ما يقرأ سورة يوسف وسورة الأحزاب في الصبح، فكان إذا بلغ يا نِساءَ النَّبِيِّ رفع بها صوته، فقيل له فقال أذكرهن العهد. وقرأ الجمهور «من يأت» بالياء وكذلك «من يقنت» حملا على لفظ مَنْ، وقرأ عمرو بن فائد الجحدري ويعقوب «من تأت» و «من تقنت» بالتاء من فوق حملا على المعنى، وقال قوم:«الفاحشة» إذا وردت معرفة فهي الزنا واللواط، وإذا وردت منكرة فهي سائر المعاصي كل ما يستفحش، وإذا وردت موصوفة بالبيان فهي عقوق الزوج وفساد عشرته، ولذلك يصفها بالبيان إذ لا يمكن سترها، والزنا وغيره هو مما يتستر به ولا يكون مبينا، ولا محالة أن الوعيد واقع على ما