بالي كذا، وقولك: أصلح الله بالك: المراد بهما واحد، ذكره المبرد. والبال: مصدر كالحال والشأن، ولا يستعمل منها فعل، وكذلك عرفه أن لا يثنى ولا يجمع، وقد جاء مجموعا لكنه شاذ، فإنهم قالوا بآلات.
وقوله تعالى: ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا الإشارة إلى هذه الأفعال التي ذكر الله أنه فعلها بالكفار وبالمؤمنين. و: الْباطِلَ الشيطان وكل ما يأمر به، قاله مجاهد. و: الْحَقَّ هنا هو الشرع ومحمد عليه السلام.
وقوله: كَذلِكَ يبين أمر كل فرقة ويجعل لها ضربها من القول وصنفها. وضرب المثل مأخوذ من الضريب والضرب الذي هو بمعنى النوع.
ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ (٩)
قال ابن عباس وقتادة وابن جريج والسدي: إن هذه الآية منسوخة بآية السيف التي في براءة:
فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [التوبة: ٥] وإن الأسر والمن والفداء مرتفع، فمتى وقع أسر فإنما معه القتل ولا بد، وروي نحوه عن أبي بكر الصديق. وقال ابن عمر وعمر بن عبد العزيز وعطاء ما معناه:
إن هذه الآية محكمة مبينة لتلك، والمن والفداء ثابت، وقد منّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثمامة بن أثال، وفادى أسرى بدر، وقاله الحسن، وقال: لا يقتل الأسير إلا في الحرب، يهيب بذلك على العدو. وكان عمر بن عبد العزيز يفادي رجلا برجل، ومنع الحسن أن يفادوا بالمال. وقد أمر عمر بن عبد العزيز بقتل أسير من الترك ذكر له أنه قتل مسلمين. وقالت فرقة: هذه الآية خصصت من الأخرى أهل الكتاب فقط، ففيهم المن والفداء، وعباد الأوثان ليس فيهم إلا القتل. وعلى قول أكثر العلماء الآيتان محكمتان. وقوله هنا: فَضَرْبَ الرِّقابِ بمثابة قوله هناك: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [التوبة: ٥] وصرح هنا بذكر المن والفداء، ولم يصرح به هناك، وهو مراد متقرر، وهذا هو القول القوي.
وقوله: فَضَرْبَ الرِّقابِ مصدر بمعنى الفعل، أي فاضربوا رقابهم وعين من أنواع القتل أشهره وأعرفه فذكره، والمراد: اقتلوهم بأي وجه أمكن، وقد زادت آية: وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ [الأنفال: ١٢] وهي من أنكى ضربات الحرب، لأنها تعطل من المضروب جميع جسده، إذ البنان أعظم آلة المقاتل وأصلها. و: أَثْخَنْتُمُوهُمْ معناه: بالقتل. والإثخان في القوم: أن يكثر فيهم القتلى والجرحى، والمعنى: فشدوا الوثاق بمن لم يقتل ولم يترتب عليه إلا الأسر. و: مَنًّا و: فِداءً