للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراد قالت: وقفت. وكقول القائل: [زهير بن أبي سلمى] [الرجز] .

بالخير خيرات وإن شرّا فا ... ولا أريد الشر إلا أن تا

أراد: وإن شرّا فشر، وأراد: إلا أن تشاء. والشواهد في هذا كثيرة، فليس كونها في القرآن مما تنكره العرب في لغتها، فينبغي إذا كان من معهود كلام العرب أن يطلب تأويله ويلتمس وجهه، والوقف على هذه الحروف على السكون لنقصانها إلا إذا أخبرت عنها أو عطفتها فإنك تعربها.

وموضع الم من الإعراب رفع على أنه خبر ابتداء مضمر، أو على أنه ابتداء، أو نصب بإضمار فعل، أو خفض بالقسم، وهذا الإعراب يتجه الرفع منه في بعض الأقوال المتقدمة في الحروف، والنصب في بعض، والخفض في قول ابن عباس رضي الله عنه أنها أسماء لله أقسم بها.

قوله عز وجل:

[[سورة البقرة (٢) : آية ٢]]

ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (٢)

الاسم من ذلِكَ الذال والألف، وقيل الذال وحدها، والألف تقوية، واللام لبعد المشار إليه وللتأكيد، والكاف للخطاب، وموضع ذلِكَ رفع كأنه خبر ابتداء، أو ابتداء وخبره بعده، واختلف في ذلِكَ هنا فقيل: هو بمعنى «هذا» ، وتكون الإشارة إلى هذه الحروف من القرآن.

قال القاضي أبو محمد: وذلك أنه قد يشار ب «ذلك» إلى حاضر تعلق به بعض الغيبة وب «هذا» إلى غائب هو من الثبوت والحضور بمنزلة وقرب. وقيل: هو على بابه إشارة إلى غائب، واختلف في ذلك الغائب، فقيل: ما قد كان نزل من القرآن، وقيل: التوراة والإنجيل، وقيل: اللوح المحفوظ أي الكتاب الذي هو القدر وقيل: إن الله قد كان وعد نبيه أن ينزل عليه كتابا لا يمحوه الماء، فأشار إلى ذلك الوعد.

وقال الكسائي: «ذلِكَ إشارة إلى القرآن الذي في السماء لم ينزل بعد» . وقيل: إن الله قد كان وعد أهل الكتاب أن ينزل على محمد كتابا، فالإشارة إلى ذلك الوعد. وقيل: إن الإشارة إلى حروف المعجم في قول من قال الم حروف المعجم التي تحديتكم بالنظم منها.

ولفظ الْكِتابُ مأخوذ من «كتبت الشيء» إذا جمعته وضممت بعضه إلى بعض ككتب الخرز بضم الكاف وفتح التاء وكتب الناقة.

ورفع الْكِتابُ يتوجه على البدل أو على خبر الابتداء أو على عطف البيان. ولا رَيْبَ فِيهِ معناه: لا شكّ فيه ولا ارتياب به والمعنى أنه في ذاته لا ريب فيه وإن وقع ريب للكفار.

وقال قوم: لفظ قوله لا رَيْبَ فيه لفظ الخبر ومعناه النهي.

وقال قوم: هو عموم يراد به الخصوص أي عند المؤمنين.

قال القاضي أبو محمد: وهذا ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>