النار، لأن الله تعالى قد أخبر أنهم ليس لهم طعام إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ، وقال في أخرى: مِنْ ضَرِيعٍ [الغاشية: ٦] فهما شيء واحد أو اثنان متداخلان، ويحتمل أن يكون الإخبار هنا عن طائفة وهناك عن طائفة، ويكون الغسلين والضريع متباينين على ما يفهم منهما في لسان العرب وخبر ليس في به، قال المهدوي: ولا يصح أن يكون هاهنا.
قال القاضي أبو محمد: وقد يصح أن يكون هنا ذلك إن شاء الله، والخاطئ: الذي يفعل ضد الصواب متعمدا والمخطئ الذي يفعله غير متعمد، وقرأ الحسن والزهري «الخاطيون» بالياء دون همز، وقرأ طلحة وأبو جعفر وشيبة ونافع بخلاف عنه:«الخاطون» بضم الطاء دون همز، وقوله تعالى: فَلا أُقْسِمُ، قال بعض النحاة «لا» زائدة والمعنى: فأقسم، وقال آخرون منهم:«لا» رد لما تقدم من أقوال الكفار، والبداءة أُقْسِمُ وقرأ الحسن بن أبي الحسن:«فلأقسم» ، لام القسم معها ألف أقسم، وقوله تعالى: بِما تُبْصِرُونَ وَما لا تُبْصِرُونَ. قال قتادة بن دعامة: أراد الله تعالى أن يعمم في هذا القسم حميع مخلوقاته. وقال غيره: أراد الأجساد والأرواح. وهذا قول حسن عام، وقال ابن عطاء:«ما تبصرون» ، من آثار القدرة وَما لا تُبْصِرُونَ من أسرار القدرة، وقال قوم: أراد بقوله: وَما لا تُبْصِرُونَ الملائكة والرسول الكريم جبريل في تأويل جماعة من العلماء، ومحمد صلى الله عليه وسلم في قول آخرين وأضيف القول إليه من حيث تلاه وبلغه.
نفى الله تعالى أن يكون القرآن من «قول شاعر» كما زعمت قريش، ونصب قَلِيلًا بفعل مضمر يدل عليه تُؤْمِنُونَ، وما يحتمل أن تكون نافية فينتفي إيمانهم البتة، ويحتمل أن تكون مصدرية ويتصف بالقلة، إما الإيمان وإما العدد الذي يؤمنون، فعلى اتصاف إيمانهم بالقلة فهم الإيمان اللغوي لأنهم قد صدقوا بأشياء يسيرة لا تغني عنهم شيئا إذ كانوا يصدقون أن الخير والصلة والعفاف الذي كان يأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم هو حق صواب، ثم نفى تعالى أن يكون «قول كاهن» كما زعم بعضهم، وقرأ ابن كثير وابن عامر والحسن والجحدري:«قليلا ما يؤمنون وقليلا ما يذكرون» بالياء جميعا. وقرأ الباقون: بالتاء من فوق، ورجح أبو عامر قراءة التاء بقوله تعالى: فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ وفي مصحف أبيّ بن كعب «ما تتذكرون» بتاءين، وتَنْزِيلٌ رفع بالابتداء، أي هو تَنْزِيلٌ، ثم أخبر تعالى أن محمدا لو تقول عليه شيئا لعاقبه بما ذكر، والتقول: أن يقول الإنسان عن آخر أنه قال شيئا لم يقله. وقرأ ذكوان