للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اذْكُرْنَ أي تذكرنه واقدرنه قدره وفكرن في أن من هذه حاله ينبغي أن تحسن أفعاله. والآخر أن يريد اذْكُرْنَ بمعنى احفظن واقرأن والزمنه الألسنة، فكأنه يقول واحفظوا أوامر الله ونواهيه، وذلك هو الذي يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ، وذلك مؤد بكن إلى الاستقامة، ووَ الْحِكْمَةِ هي سنة الله على لسان نبيه دون أن يكون في قرآن متلو، ويحتمل أن يكون وصفا للآيات، وفي قوله تعالى: لَطِيفاً تأنيس وتعديد لنعمه، أي لطف بكن في هذه النعمة، وقوله خَبِيراً تحذير ما، وقوله تعالى: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ الآية روي عن أم سلمة أنها قالت: إن سبب هذه الآية أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم:

يا رسول الله يذكر الله تعالى الرجال في كتابه في كل شيء ولا يذكرنا، فنزلت الآية في ذلك، وروى قتادة أن نساء من الأنصار دخلن على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فقلن لهن: ذكركن الله في القرآن ولم يذكر سائر النساء بشيء فنزلت الآية في ذلك، وروي عن ابن عباس أن نساء النبي قلن ما له تعالى يذكر المؤمنين ولا يذكر المؤمنات، فنزلت الآية في ذلك، وبدأ تعالى بذكر الإسلام الذي يعم الإيمان وعمل الجوارح، ثم ذكر الإيمان تخصيصا وتنبيها على أنه عظم الإسلام ودعامته، و «القانت» : العابد المطيع، و «الصادق» معناه: فيما عوهد عليه أن يفي به ويكمله، و «الصابر» : عن الشهوات وعلى الطاعات في المكره والمنشط، و «الخاشع» : الخائف لله المستكين لربوبيته الوقور، و «المتصدق» : بالفرض والنفل، وقيل هي في الفرض خاصة، والأول أمدح، و «الصائم» كذلك: في الفرض والنفل، و «حفظ الفرج» هو:

من الزنا وشبهه وتدخل مع ذلك الصيانة من جميع ما يؤدي إلى الزنا أو هو في طريقه، وفي قوله:

الْحافِظاتِ حذف ضمير يدل عليه المتقدم تقديره والحافظاتها، وفي الذَّاكِراتِ أيضا مثله، و «المغفرة» هي ستر الله ذنوبهم والصفح عنها، و «الأجر العظيم» الجنة.

قوله عز وجل:

[سورة الأحزاب (٣٣) : الآيات ٣٦ الى ٣٧]

وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً (٣٦) وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً (٣٧)

قوله تعالى: وَما كانَ لفظه النفي ومعناه الحظر والمنع من فعل هذا، وهذه العبارة «ما كان» و «ما ينبغي» ونحوها تجيء لحظر الشيء والحكم بأنه لا يكون، وربما كان امتناع ذلك الشيء عقلا كقوله تعالى: ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها [النمل: ٦٠] ، وربما كان العلم بامتناعه شرعا كقوله وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ [الشورى: ٥١] ، وربما كان حظره بحكم شرعي كهذه الآية، وربما كان في المندوبات كما تقول: ما كان لك يا فلان أن تترك النوافل ونحو هذا، وسبب هذه الآية فيما قال قتادة وابن عباس ومجاهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب زينب بنت جحش فظنت أن الخطبة لنفسه فلما

<<  <  ج: ص:  >  >>