للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه يرى أن «بالرحا» متعلق بقوله المتقاعس، كأنه قال: أبعلي هذا المتقاعس بالرحا، وجواب الشرطين في هذا القول كما ذكرناه في القول الأول، وفي قوله تعالى إِذا حَضَرَ مجاز لأن المعنى إذا تخوف وحضرت علاماته، والخير في هذه الآية المال.

واختلف موجبو الوصية في القدر الذي تجب منه، فقال الزهري وغيره: تجب فيما قل وفيما كثر، وقال النخعي: تجب في خمسمائة درهم فصاعدا، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقتادة: في ألف فصاعدا.

واختلف العلماء في هذه الآية، فقال فريق: محكمة ظاهرها العموم ومعناها الخصوص في الوالدين اللذين لا يرثان كالكافرين والعبدين، وفي القرابة غير الوارثة، وقال ابن عباس والحسن وقتادة: الآية عامة وتقرر الحكم بها برهة ونسخ منها كل من يرث بآية الفرائض، وفي هذه العبارة يدخل قول ابن عباس والحسن وغيرهما إنه نسخ منها الوالدان وثبت الأقربون الذين لا يرثون، وبين أن آية الفرائض في سورة النساء ناسخة، لهذا الحديث المتواتر: «إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث» .

وقال ابن عمر وابن عباس أيضا وابن زيد: الآية كلها منسوخة وبقيت الوصية ندبا، ونحو هذا قول مالك رحمه الله، وقال الربيع بن خثيم وغيره: لا وصية لوارث، وقال عروة بن ثابت للربيع بن خثيم:

أوص لي بمصحفك، فنظر الربيع إلى ولده وقرأ: وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ [الأحزاب: ٦] ، ونحو هذا صنع ابن عمر رضي الله عنه.

وقال بعض أهل العلم: إن الناسخ لهذه الآية هي السنة المتواترة في الحديث المذكور قبل، وقد تقدم توجيه نسخ السنة للكتاب في تفسير قوله تعالى ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ [البقرة: ١٠٦] .

وقال قوم من العلماء: الوصية للقرابة أولى فإن كانت لأجنبي فمعهم ولا تجوز لغيرهم مع تركهم.

وقال الناس حين مات أبو العالية: عجبا له أعتقته امرأة من رياح وأوصى بماله لبني هاشم.

وقال الشعبي: «لم يكن ذلك له ولا كرامة» .

وقال طاوس: «إذا أوصى لغير قرابة ردت الوصية إلى قرابته ونقض فعله» وقاله جابر بن زيد.

وقال الحسن وجابر بن زيد أيضا وعبد الملك بن يعلى: يبقى ثلث الوصية حيث جعلها ويرد ثلثاها إلى قرابته.

وقال مالك رحمه الله وجماعة من العلماء: الوصية ماضية حيث جعلها الميت، والأقربون: جمع أقرب، وبِالْمَعْرُوفِ معناه بالقصد الذي تعرفه النفوس دون إضرار بالورثة ولا تبذير للوصية، وحَقًّا مصدر مؤكد، وخص المتقون بالذكر تشريفا للرتبة ليتبادر الناس إليها.

قوله عز وجل:

[سورة البقرة (٢) : الآيات ١٨١ الى ١٨٤]

فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٨١) فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٨٢) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٨٣) أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٨٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>