وقفهم في هذه الآية على المعاني التي تبين لكل عاقل أنه لا مدخل لصنم ولا لوثن فيها وهي عبر ونعم، فالحجة قائمة بها من الوجهين، وقوله تعالى: يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ معناه بشرط إن شاء على المعتقد في الإجابة، لكن الْمُضْطَرَّ لا يجيبه متى أجيب إلا الله عز وجل، والسُّوءَ عام في كل ضر يكشفه الله تعالى عن عباده، وقرأ الحسن «ويجعلكم» بياء على صيغة المستقبل ورويت عنه بنون، وكل قرن خليف للذي قبله.
وقرأ جمهور القراء «تذكرون» بالتاء على المخاطبة، وقرأ أبو عمرو وحده والحسن والأعمش بالياء على الغيب، و «الظلمات» عام لظلمة الليل التي هي الحقيقة في اللغة ولظلمة الجهل والضلال والخوف التي هي مجازات وتشبيهات وهذا كقول الشاعر:
«تجلت عمايات الرجال عن الصبا» وكما تقول أظلم الأمر وأنار، وقد تقدم اختلاف القراء في قوله نَشْراً، وقرأ الحسن وغيره، «يشركون» بالياء على الغيبة، وقرأ الجمهور «تشركون» على المخاطبة، و «بدء الخلق» اختراعه وإيجاده، والْخَلْقَ هنا المخلوق من جميع الأشياء لكن المقصود بنو آدم من حيث ذكر الإعادة، و «الإعادة» البعث من القبور ويحتمل أن يريد ب الْخَلْقَ مصدر خلق يخلق ويكون في يَبْدَؤُا وَيُعِيدُ استعارة للإتقان والإحسان كما تقول فلان يبدي ويعيد في أمر كذا وكذا إذا كان يتقنه، والرزق مِنَ السَّماءِ بالمطر ومن الْأَرْضِ بالنبات، هذا مشهور ما يحسه البشر، وكم لله من لطف خفي، ثم أمر عز وجل نبيه أن يوقفهم على أن الْغَيْبَ مما انفرد الله بعلمه ولذلك سمي غيبا لغيبه عن المخلوقين، ويروى أن هذه الآية من قولهم قُلْ لا يَعْلَمُ، إنما نزلت لأن الكفار سألوا وألحوا عن وقت القيامة التي يعدهم محمد فنزلت هذه الآية فيها التسليم لله تعالى وترك التحديد، فأعلم عز وجل أنه لا يعلم وقت الساعة سواه فجاء