للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يقيم الله عز وجل، وقرأ عبيد بن عمير: «فلا يقوم» ويلزمه أن يقرأ «وزن» ، وكذلك قول مجاهد «يقول لهم يوم القيامة» ، وقوله ذلِكَ إشارة إلى ترك إقامة الوزن وجَزاؤُهُمْ خبر الابتداء في قوله ذلِكَ، وقوله جَهَنَّمُ بدل منه، و «ما» في قوله بِما كَفَرُوا مصدرية و «الهزء» الاستخفاف والسخرية.

قوله عز وجل:

[سورة الكهف (١٨) : الآيات ١٠٧ الى ١١٠]

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً (١٠٧) خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً (١٠٨) قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً (١٠٩) قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (١١٠)

لما فرغ من ذكر الكفرة والأخسرين أعمالا الضالين، عقب بذكر حالة المؤمنين ليظهر التباين، وفي هذا بعث النفوس على اتباع الحسن القويم، واختلف المفسرون في الْفِرْدَوْسِ فقال قتادة إنه أعلى الجنة وربوتها، وقال أبو هريرة إنه جبل تنفجر منه أنهار الجنة، وقال أبو أمامة: إنه سرة الجنة، ووسطها، وروى أبو سعيد الخدري أنه تنفجر منه أنهار الجنة، وقال عبد الله بن الحارث بن كعب إنه جنات الكرم والأعناب خاصة من الثمار، وقاله كعب الأحبار، واستشهد قوم لذلك بقول أمية بن أبي الصلت: [البسيط]

كانت منازلهم إذ ذاك ظاهرة ... فيها الفراديس والفومان والبصل

وقال الزجاج قيل إن الْفِرْدَوْسِ سريانية، وقيل رومية، ولم يسمع ب الْفِرْدَوْسِ في كلام العرب إلا في بيت حسان: [الطويل]

وإن ثواب الله كل موحد ... جنان من الفردوس فيها يخلد

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس» ، وقالت فرقة الْفِرْدَوْسِ البستان بالرومية، وهذا اقتضاب القول في الْفِرْدَوْسِ وعيون ما قيل، وقوله نُزُلًا يحتمل الوجهين اللذين قدمناهما قبل، و «الحلول» بمعنى التحول، قال مجاهد: متحولا، ومنه قول شصار: [مجزوء الرجز] لكل دولة أجل ثم يتاح لها حول وكأنه اسم جمع، وكأن واحده حوالة، وفي هذا نظر، وقال الزجاج عن قوم: هي بمعنى الحيلة في التنقل.

قال القاضي أبو محمد: وهذا ضعيف متكلف، وأما قوله قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ إلى آخر الآية، فروي أن سبب الآية أن اليهود قالت للنبي عليه السلام كيف تزعم أنك نبي الأمم كلها، ومبعوث إليها، وأنك أعطيت ما يحتاجه الناس من العلم، وأنت مقصر، قد سئلت في الروح ولم تجب فيه، ونحو هذا من

<<  <  ج: ص:  >  >>