القول، فنزلت الآية معلمة باتساع معلومات الله عز وجل، وأنها غير متناهية، وأن الوقوف دونها ليس ببدع ولا نكير، فعبر عن هذا بتمثيل ما يستكثرونه، وهو قوله قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي و «الكلمات» : هي المعاني القائمة بالنفس، وهي المعلومات، ومعلومات الله سبحانه لا تناهى، والْبَحْرُ متناه، ضرورة، وقرأ الجمهور:«تنفد» بالتاء من فوق، وقرأ عمرو بن عبيد «ينفد» بالياء وقرأ ابن مسعود وطلحة: قبل أن تقضي كلمات ربي، وقوله مِداداً أي زيادة، وقرأ الجمهور:«مدادا» وقرأ ابن عباس وابن مسعود والأعمش ومجاهد والأعرج «مدادا» ، فالمعنى لو كان البحر مِداداً تكتب به معلومات الله عز وجل، لنفد قبل أن يستوفيها، وكذلك إلى ما شئت من العدد، وإِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ لم أعط إلا ما أوحي إلي وكشف لي، وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي:«ينفد» بالياء من تحت، وقرأ الباقون بالتاء، وقوله قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ المعنى: إِنَّما أَنَا بَشَرٌ ينتهي علمي إلى حيث يُوحى إِلَيَّ ومهم ما يوحى إلي، أنما إلهكم إله واحد، وكان كفرهم بعبادة الأصنام فلذلك خصص هذا الفصل مما أوحي إليه، ثم أخذ في الموعظة، والوصاة البينة الرشد، ويَرْجُوا على بابها، وقالت فرقة: يَرْجُوا بمعنى يخاف، وقد تقدم القول في هذا المقصد، فمن كان يؤمن بلقاء ربه وكل موقن بلقاء ربه، فلا محالة أنه بحالتي خوف ورجاء، فلو عبر بالخوف لكان المعنى تاما على جهة التخويف والتحذير، وإذا عبر بالرجاء فعلى جهة الإطماع وبسط النفوس إلى إحسان الله تعالى، أي فَمَنْ كانَ يَرْجُوا النعيم المؤبد من ربه فَلْيَعْمَلْ وباقي الآية بين في الشرك بالله تعالى، وقال ابن جبير في تفسيرها لا يرائي في عمله وقد روي حديث أنها نزلت في الرياء، حين سئل النبي صلى الله عليه وسلم عمن يجاهد ويحب أن يحمده الناس، وقال معاوية بن أبي سفيان هذه آخر آية نزلت من القرآن.