ودِينِ الْمَلِكِ فسره ابن عباس بسلطانه، وفسره قتادة بالقضاء والحكم.
قال القاضي أبو محمد: وهذا متقارب، والاستثناء في هذه الآية حكاية حال، التقدير: إلا ان شاء الله ما وقع من هذه الحيلة ويحتمل أن يقدر أن تسنن لما قرر النفي.
وقرأ الجمهور «نرفع» على ضمير المعظم و «نشاء» كذلك، وقرأ الحسن وعيسى ويعقوب بالياء، أي الله تعالى:«وقرأ أبو عمرو ونافع وأهل المدينة «درجات من» بإضافة الدرجات إلى مَنْ، وقرأ عاصم وابن محيصن «درجات من» بتنوين» الدرجات، وقرأ الجمهور، «وفوق كل ذي علم» . وقرأ ابن مسعود «وفوق كل ذي عالم» والمعنى أن البشر في العلم درجات، فكل عالم فلا بد من أعلم منه، فإما من البشر وإما الله عز وجل. وأما على قراءة ابن مسعود فقيل: ذِي زائدة، وقيل:«عالم» مصدر كالباطل.
وروي أن المفتش كان إذا فرغ من رحل رجل فلم يجد فيه شيئا استغفر الله عز وجل تائبا من فعله ذلك، وظاهر كلام قتادة وغيره، أن المستغفر كان يوسف لأنه كان يفتشهم يعلم أين الصواع، حتى فرغ منهم وانتهى إلى رحل بنيامين فقال: ما أظن هذا الفتى رضي بهذا، ولا أخذ شيئا، فقال له إخوته، والله لا تبرح حتى تفتشه فهو أطيب لنفسك ونفوسنا، ففتش فأخرج السقاية- وهذا التفتيش من يوسف يقتضي أن المؤذن إنما سرقه برأيه، فإنما يقال جميع ذلك كان بأمر الله تعالى، ويقوي ذلك قوله: كِدْنا، وكيف لا يكون برأي يوسف وهو مضطر في محاولته إلى أن يلزمهم حكم السرقة له أخذ أخيه.
والضمير في قوله: اسْتَخْرَجَها عائد على السِّقايَةَ [يوسف: ٧٠] ، ويحتمل أن يعود على السرقة.
وروي أن إخوة يوسف لما رأوا ذلك قالوا: يا بنيامين بن راحيل قبحك الله ولدت أمك أخوين لصّين، كيف سرقت هذه السقاية؟ فرفع يديه إلى السماء وقال: والله ما فعلت، فقالوا له: فمن وضعها في رحلك قال: الذي وضع البضاعة في رحالكم.
وما ذكرناه من المعنى في قوله: وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ هو قول الحسن وقتادة، وقد روي عن ابن عباس، وروي أيضا عنه رضي الله عنه: أنه حدث يوما بحديث عجيب فتعجب منه رجل ممن حضر، وقال: الحمد لله وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ، وقال ابن عباس: بئس ما قلت، إنما العليم لله وهو فوق كل ذي علم.