المخلوقات هي أول الأيام، لأن بإيجاد الأرض والسماء والشمس وجد اليوم، وقد يحتمل أن يجعل تعالى قوله: يَوْمَيْنِ على التقدير، وإن لم تكن الشمس خلقت بعد، وكأن تفصيل الوقت يعطي أنها الأحد ويوم الاثنين كما ذكر. والأنداد: الأشباه والأمثال، وهذه إشارة إلى كل ما عبد من الملائكة والأصنام وغير ذلك. قال السدي: أكفاء من الرجال تطيعونهم. والرواسي: هي الجبال الثوابت، رسا الجبل إذا ثبت.
وقوله تعالى: وَبارَكَ فِيها أي جعلها منبتة للطيبات والأطعمة، وجعلها طهورا إلى غير ذلك من وجوه البركة. وفي قراءة ابن مسعود:«وقسم فيها أقواتها» . وفي مصحف عثمان رضي الله عنه:«وقدر» واختلف الناس في معنى قوله: أَقْواتَها فقال السدي: هي أقوات البشر وأرزاقهم، وأضافها إلى الأرض من حيث هي فيها وعنها. وقال قتادة: هي أقوات الأرض من الجبال والأنهار والأشجار والصخور والمعادن والأشياء التي بها قوام الأرض ومصالحها. وروى ابن عباس رضي الله عنه في هذا المعنى حديثا مرفوعا فشبهها بالقوت الذي به قوام الحيوان. وقال مجاهد: أراد أَقْواتَها من المطر والمياه. وقال عكرمة والضحاك ومجاهد أيضا: أراد بقوله: أَقْواتَها خصائصها التي قسمها في البلاد، فجعل في اليمن أشياء ليست في غيره، وكذلك في العراق والشام والأندلس وغيرها من الأقطار ليحتاج بعضها إلى بعض ويتقوت من هذه في هذه الملابس والمطعوم، وهذا نحو القول الأول، إلا أنه بوجه أعم منه.
وقوله تعالى: فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ يريد باليومين الأولين، وهذا كما تقول: بنيت جدار داري في يوم وأكملت جميعها في يومين، أي بالأول.
وقرأ الحسن البصري وأبو جعفر وجمهور الناس:«سواء» بالنصب على الحال، أي سواء هي وما انقضى فيها. وقرأ أبو جعفر بن القعقاع:«سواء» بالرفع، أي هي سواء. وقرأ الحسن وعيسى وابن أبي إسحاق وعمرو بن عبيد:«سواء» بالخفض على نعت الأيام.
واختلف المتأولون في معنى: لِلسَّائِلِينَ فقال قتادة والسدي معناه: سواء لمن سأل عن الأمر واستفهم عن حقيقة وقوعه وأراد العبرة فيه فإنه يجده كما قال عز وجل. وقال ابن زيد وجماعة معناه: مستو مهيأ أمر هذه المخلوقات ونفعها للمحتاجين إليها من البشر، فعبر عنهم ب «السائلين» بمعنى الطالبين، لأنهم من شأنهم ولا بد طلب ما ينتفعون به، فهم في حكم من سأل هذه الأشياء إذ هم أهل حاجة إليها، ولفظة سَواءً تجري مجرى عدل وزور في أن ترد على المفرد والمذكر والمؤنث.