للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«فئة تقاتل» برفع «فئة» على خبر ابتداء، تقديره إحداهما فئة، وقرأ مجاهد والحسن والزهري وحميد: «فئة» بالخفض على البدل، ومنهم من رفع «كافرة» ومنهم من خفضها على العطف، وقرأ ابن أبي عبلة: «فئة» بالنصب وكذلك «كافرة» قال الزجاج: يتجه ذلك على الحال كأنه قال: التقتا مؤمنة وكافرة، ويتجه أن يضمر فعل أعني ونحوه ورَأْيَ الْعَيْنِ نصب على المصدر، ويُؤَيِّدُ معناه يقوي من الأيد وهو القوة.

قوله تعالى:

[[سورة آل عمران (٣) : آية ١٤]]

زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (١٤)

قرأ جمهور الناس «زين» على بناء الفعل للمفعول ورفع «حبّ» على أنه مفعول لم يسم فاعله، وقرأ الضحاك ومجاهد «زين» على بناء الفعل للفاعل ونصب «حبّ» على أنه المفعول، واختلف الناس من المزين؟ فقالت فرقة: الله زين ذلك وهو ظاهر قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأنه قال لما نزلت هذه الآية: قلت الآن يا رب حين زينتها لنا فنزلت: قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ [آل عمران: ١٥] ، وقالت فرقة: المزين هو الشيطان، وهذا ظاهر قول الحسن بن أبي الحسن، فإنه قال من زينها؟ ما أحد أشد لها ذما من خالقها.

قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: وإذا قيل زين الله، فمعناه بالإيجاد والتهيئة لانتفاع وإنشاء الجبلة عن الميل إلى هذه الأشياء، وإذا قيل زين الشيطان فمعناه بالوسوسة والخديعة وتحسين أخذها من غير وجوهها. والآية تحتمل هذين النوعين من التزيين ولا يختلف مع هذا النظر. وهذه الآية على كلا الوجهين ابتداء وعظ لجميع الناس، وفي ضمن ذلك توضيح لمعاصري محمد عليه السلام من اليهود وغيرهم، والشَّهَواتِ ذميمة واتباعها مرد وطاعتها مهلكة، وقد قال عليه السلام: «حفت النار بالشهوات وحفت الجنة بالمكاره» فحسبك أن النار حفت بها، فمن واقعها خلص إلى النار، ووَ الْقَناطِيرِ جمع قنطار، وهو العقدة الكبيرة من المال، واختلف الناس في تحرير حده كم هو؟ فروى أبي بن كعب، عن النبي عليه السلام أنه قال: القنطار ألف ومائتا أوقية، وقال بذلك معاذ بن جبل وعبد الله بن عمر وأبو هريرة وعاصم بن أبي النجود وجماعة من العلماء، وهو أصح الأقوال، لكن القنطار على هذا يختلف باختلاف البلاد في قدر الأوقية، وقال ابن عباس والضحاك بن مزاحم والحسن بن أبي الحسن: القنطار ألف ومائتا مثقال، وروى الحسن ذلك مرفوعا عن النبي عليه السلام، قال الضحاك وهو من الْفِضَّةِ ألف ومائتا، وروي عن ابن عباس أنه قال: القنطار من الْفِضَّةِ اثنا عشر ألف درهم، ومن الذَّهَبِ ألف دينار، وروي ذلك عن الحسن والضحاك وقال سعيد بن المسيب: القنطار ثمانون ألفا، وقال قتادة: القنطار مائة رطل من الذَّهَبِ أو ثمانون ألف درهم من الْفِضَّةِ، وقال السدي: القنطار ثمانية آلاف مثقال وهي مائة رطل، وقال مجاهد القنطار سبعون ألف دينار، وروي ذلك عن ابن عمر، وقال أبو نضرة: القنطار ملء مسك ثور ذهبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>