نعت، إما لإيمان وإما لنفر أو قوم، والمعنى مختلف، فمن عبر بالقلة عن الإيمان قال: إما هي عبارة عن عدمه على ما حكى سيبويه من قولهم: أرض قل ما تنبت كذا وهي لا تنبته جملة، وإما قلل الإيمان لما قلت الأشياء التي آمنوا بها فلم ينفعهم ذلك، وذلك أنهم كانوا يؤمنون بالتوحيد ويكفرون بمحمد وبجميع أوامر شريعته ونواهيها، ومن عبر بالقلة عن النفر قال: لا يؤمن منهم إلا قليل، كعبد الله بن سلام، وكعب الأحبار، وغيرهما، وإذا قدرت الكلام نفرا قليلا، فهو نصب في موضع الحال وفي هذا نظر قوله تعالى:
هذا خطاب لليهود والنصارى، ولِما مَعَكُمْ معناه من شرع وملة، لا لما كان معهم من مبدل ومغير، و «الطامس» : الدائر المغير الاعلام، كما قال ذو الرمة:[البسيط]
من كل نضّاخة الذّفرى إذا عرقت ... عرضتها طامس الاعلام مجهول
ومن ذلك قيل للأعمى المسدودة عيناه: أعمى مطموس، وقالت طائفة:«طمس الوجوه» هنا: أن تعفى أثر الحواس فيها. وتزال الخلقة منه فيرجع كسائر الأعضاء في الخلو من أعضاء الحواس، فيكون أرد على «الأدبار» في هذا الموضع بالمعنى، أي خلوه من الحواس دبرا لكونه عامرا بها، وقال ابن عباس وعطية العوفي:«طمس الوجوه» أن تزال العينان خاصة منها وترد العينان في القفا فيكون ذلك ردا على الدبر ويمشى القهقرى، وحكى الطبري عن فرقة: أن طمس الوجوه أن تتغير أعلامها وتصير منابت للشعر، فذلك هو الرد على الدبر، ورد على هذا القول الطبري، وقال مالك رحمه الله: كان أول إسلام كعب أنه مر برجل من أليل وهو يقرأ هذه الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ فوضع كفيه على وجهه ورجع القهقرى إلى بيته. فأسلم مكانه، وقال: والله لقد خفت أن لا أبلغ بيتي حتى يطمس وجهي، وقال مجاهد والحسن والسدي والضحاك: ذلك تجوز، وإنما المراد به وجوه الهدى والرشد، وطمسها حتم الإضلال والصد عنها والتصيير إلى الكفر، وهو الرد على الأدبار، وقال ابن زيد: الوجوه هي أوطانهم وسكناهم في بلادهم التي خرجوا إليها، وطمسها: إخراجهم منها، والرد على الأدبار: هو رجوعهم إلى الشام من حبث أتوا أولا، وأَصْحابَ السَّبْتِ: هم أهل أيلة الذين اعتدوا في السبت في الصيد، حسبما