وقوله وَلا تَدْعُ معناه قيل لي: وَلا تَدْعُ فهو عطف على أَقِمْ، وهذا الأمر والمخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم إذا كانت هكذا فأحرى أن يتحرز من ذلك غيره، وما لا ينفع ولا يضر هو الأصنام والأوثان، والظالم الذي يضع الشيء في غير موضعه، وقوله وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ الآية، مقصد هذه الآية أن الحول والقوة لله، ويبين ذلك للناس بما يحسونه من أنفسهم، و «الضر» لفظ جامع لكل ما يكرهه الإنسان كان ذلك في ماله أو في بدنه، وهذه الآية مظهرة فساد حال الأصنام، لكن كل مميز أدنى ميز يعرف يقينا أنها لا تكشف ضرّا ولا تجلب نفعا. وقوله وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ لفظ تام العموم، وخصص النبي صلى الله عليه وسلم الفقه بالذكر في قوله «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين» وهو على جهة التشريف للفقه، وقوله تعالى: وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ترجية وبسط ووعد ما.
هذه مخاطبة لجميع الكفار مستمرة مدى الدهر، والْحَقُّ هو القرآن والشرع الذي جاء به محمد، فَمَنِ اهْتَدى، أي اتبع الحق وتدين به فإنما يسعى لنفسه لأنه يوجب لها رحمة الله، ويدفع عذابه، وَمَنْ ضَلَّ أي حاد عن طريق الحق ولم ينظر بعين الحقيقة وكفر بالله عز وجل فيضل ذلك، وقوله وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ، أي لست بآخذكم ولا بد بالإيمان وإنما أنا مبلغ، وهذه الآية منسوخة بالقتال، وقوله وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ الآية معناه: اتبع ما رسمه لك شرعك وما أعلمك الله به من نصرته لك، وَاصْبِرْ على شقاء الرسالة وما ينالك في الله من الأذى، وقوله حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وعد للنبي صلى الله عليه وسلم بأن يغلبهم- كما وقع- تقتضيه قوة اللفظ، وهذا الصبر منسوخ بالقتال، وهذه السورة مكية وقد تقدم ذكر هذا في أولها.