للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إني خارج إلى وفد الجن، فمن شاء يتبعني» ، فسكت أصحابه، فقالها ثانية، فسكتوا، فقال عبد الله أنا أتبعك، قال فخرجت معه حتى جاء شعب الحجون، فأدار لي دائرة وقال لي: لا تخرج منها، ثم ذهب عني، فسمعت لغطا ودويا كدوي النسور الكاسرة. ثم في آخر الليل جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن قرأ عليهم القرآن وعلمهم وأعطاهم زادا في كل عظم وروثة، فقال: يا عبد الله، ما رأيت؟ فأخبرته، فقال: لقد كنت أخشى أن تخرج فيتخطفك بعضهم، قلت يا رسول الله، سمعت لهم لغطا، فقال: إنهم تدارأوا في قتيل لهم، فحكمت بالحق. واضطربت الروايات عن عبد الله بن مسعود، وروي عنه ما ذكرنا. وذكر عنه أنه رأى رجالا من الجن وبهم شبه رجال الزط السود الطوال حين رآهم بالكوفة. وروي عنه أنه قال: ما شاهد أحد منا ليلة الجن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاختصرت هذه الروايات وتطويلها لعدم صحتها.

وقوله: نَفَراً يقتضي أن المصروفين رجالا لا أنثى فيهم. والنفر والرهط: القوم الذين لا أنثى فيهم.

وقوله تعالى: فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فيه تأدب مع العلم وتعليم كيف يتعلم وقرأ جمهور الناس: «قضي» على بناء الفعل للمفعول.. وقرأ حبيب بن عبد الله بن الزبير وأبو مجلز: «قضى» على بناء الفعل للفاعل، أي قضى محمد القراءة.

وقال ابن عمر وجابر بن عبد الله: قرأ عليهم سورة [الرحمن] فكان إذا قال: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ [الرحمن: ١٣] قالوا: لا بشيء من آلائك نكذب، ربنا لك الحمد، ولما ولت هذه الجملة تفرقت على البلاد منذرة للجن. قال قتادة: ما أسرع ما عقل القوم.

قال القاضي أبو محمد: فهنالك وقعت قصة سواد وشصار وخنافر وأشباههم صلى الله على محمد عبده ورسوله.

قوله عز وجل:

[سورة الأحقاف (٤٦) : الآيات ٣٠ الى ٣٣]

قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٠) يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (٣١) وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٢) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٣)

المعنى: قال هؤلاء المنذرون لما بلغوا قومهم يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً وهو القرآن العظيم، وخصصوا مُوسى عليه السلام لأحد أمرين: إما لأن هذه الطائفة كانت تدين بدين اليهود، وإما لأنهم

<<  <  ج: ص:  >  >>