للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر أَوَأَمِنَ بسكون الواو وإظهار الهمزتين، وقرأ ورش عن نافع «أوامن» بفتح الواو وإلقاء حركة الهمزة الثانية عليها، وهذه القراءة في معنى الأولى ولكن سهلت، وقرأ عاصم وأبو عمرو وحمزة والكسائي، «أو أمن» بفتح الواو وإظهار الهمزتين ومعنى هذه القراءة: أنه دخل ألف الاستفهام على حرف العطف، ومعنى القراءة الأولى: أنه عطف با والتي هي لأحد الشيئين، المعنى: أَفَأَمِنُوا هذا أو هذا كما تقول: أجاء زيد أو عمرو وليست هذه أو التي هي للإضراب عن الأول كما تقول: أنا أقوم أو أجلس وأنت تقصد الإضراب عن القيام والإثبات للجلوس وتقريره، وقولنا التي هي لأحد الشيئين يعم الإباحة والتخيير كقولك: جالس الحسن أو ابن سيرين أو قولك: جالس الحسن أو جالس ابن سيرين، وقوله يَلْعَبُونَ يريد في غاية الغفلة والإعراض.

ومَكْرَ اللَّهِ هي إضافة مخلوق إلى الخالق كما تقول: ناقة الله وبيت الله، والمراد فعل يعاقب به مكرة الكفار، وأضيف إلى الله لما كان عقوبة الذنب فإن العرب تسمي العقوبة على أي وجه كانت باسم الذنب الذي وقعت عليه العقوبة، وهذا نص في قوله وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ، وهذا الموضع أيضا كان كفرهم بعد الرسالة وظهور دعوة الله مكر وخديعة واستخفاف، وقيل عومل في مثل هذا وغيره اللفظ دون المعنى في مثل قوله اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ [البقرة: ١٥] و «أن الله لا يمل حتى تملوا» وغير ذلك.

وقوله أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ الآية، هذه ألف تقرير دخلت على واو العطف، و «يهدي» معناه يبين والهدى الصباح وأنشدوا على ذلك:

حتى استبنت الهدى والبيد هاجمة ... يسبحن في الآل غلفا أو يصلينا

ويحتمل أن يكون المبين الله تعالى ويحتمل أن يكون المبين قوله أَنْ لَوْ نَشاءُ أي علمهم بذلك وقال ابن عباس ومجاهد وابن زيد: و «يهدي» معناه يتبين، وهذه أيضا آية وعيد، أي ألم يظهر لوارث الأرض بعد أولئك الذين تقدم ذكرهم وما حل بهم أنا نقدر لو شئنا أن نصيبهم إصابة إهلاك بسبب معاصيهم كما فعل بمن تقدم وكنا نطبع: أي نختم، ونختم عليها بالشقاوة، وفي هذه العبارة ذكر القوم الذين قصد ذكرهم وتعديد النعمة عليهم فيما «ورثوا» والوعظ بحال من سلف من المهلكين، ونطبع عطف على المعاصي إذ المراد به الاستقبال، ويحتمل أن يكون ونطبع منقطعا إخبارا عن وقوع الطبع لا أنه متوعد به ويبقى التوعد بالإهلال الذي هو بعذاب كالصيحة والغرق ونحوه، وقرأ أبو عمرو: وَنَطْبَعُ عَلى بإدغام العين في العين وإشمام الضم، ذكره أبو حاتم.

وقوله عز وجل:

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٠١ الى ١٠٢]

تِلْكَ الْقُرى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبائِها وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى قُلُوبِ الْكافِرِينَ (١٠١) وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ (١٠٢)

تِلْكَ ابتداء، والْقُرى قال قوم هو نعت والخبر نَقُصُّ ويؤيد هذا أن القصد إنما الإخبار بالقصص.

<<  <  ج: ص:  >  >>