للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخزنة، وبحديث وقع في صحيح البخاري في كتاب التفسير، يتضمن أنهم في الجنة. وبقوله عليه السلام: «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، فالأطفال لم يبلغوا أن يصنع بهم شيء من هذا» . وقوله تعالى: إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ يحتمل أن يكون من قول الملائكة للكفار حين أخبروا عن أنفسهم أنهم كذبوا النذر، ويحتمل أن يكون من كلام الكفار للنذر.

قوله عز وجل:

[سورة الملك (٦٧) : الآيات ١٠ الى ١٥]

وَقالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ (١٠) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ (١١) إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١٢) وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (١٣) أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤)

هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (١٥)

المعنى وقال الكفار للخزنة في محاورتهم: لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ سمعا أو عقلا ينتفع به ويغني شيئا لآمنا ولم نستوجب الخلود في السعير، ثم أخبر تعالى محمدا أنهم اعترفوا بذنبهم في وقت لا ينفع فيه الاعتراف، وقوله تعالى: فَسُحْقاً نصب على جهة الدعاء عليهم وجاز ذلك فيه، وهو من قبل الله تعالى من حيث هذا القول مستقرا فيهم أزلا ووجوده لم يقع ولا يقع إلا في الآخرة، فكأنه لذلك في حيز المتوقع الذي يدعى فيه، كما تقول: سحقا لزيد وبعدا، والنصب في هذا كله بإضمار فعل، وأما ما وقع وثبت، فالوجه فيه الرفع كما قال تعالى: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ [المطففين: ١] ، وسَلامٌ عَلَيْكُمْ [الأنعام: ٥٤، الأعراف: ٤٦، الرعد: ٢٤، القصص: ٥٥، الزمر: ٧٣] ، وغير هذا من الأمثلة، وقرأ الجمهور:

«فسحقا» بسكون الحاء، وقرأ الكسائي: «فسحقا» بضم الحاء وهما لغتان، ثم وصف تعالى أهل الإيمان، وهم الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ، وقوله تعالى: بِالْغَيْبِ يحتمل معنيين، أحدهما: بِالْغَيْبِ الذي أخبروا به من الحشر والصراط والميزان والجنة والنار، فآمنوا بذلك، وخشوا ربهم فيه، ونحا إلى هذا قتادة والمعنى الثاني: أنهم يخشون ربهم إذا غابوا عن أعين الناس، أي في خلواتهم، ومنه تقول العرب: فلان سالم الغيب، أي لا يضر، فالمعنى يعملون بحسب الخشية في صلاتهم وعباداتهم، وانفرادهم، فالاحتمال الأول: مدح بالإخلاص والإيمان، والثاني: مدح بالأعمال الصالحة في الخلوات، وذلك أحرى أن يعملوها علانية، وقوله تعالى: وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ مخاطبة لجميع الخلق.

قال ابن عباس: سببها أن المشركين قال بعضهم لبعض: أسروا قولكم لا يسمعكم إله محمد، فالمعنى أن الأمر سواء عند الله لأنه يعلم ما هجس في الصدور دون أن ينطق به، فكيف إذا ينطق به سرا أو جهرا، وذات الصُّدُورِ، ما فيها، وهذا كما قال: الذئب مغبوط بذي بطنه، وقد تقدم تفسيره غير ما مرة.

وقوله تعالى: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ اختلف الناس في إعراب: مَنْ، فقال بعض النحاة: إعرابها رفع، كأنه قال: ألا يعلم الخالق خلقه؟ فالمفعول على هذا محذوف، وقال قوم: إعرابها نصب، كأنه قال: ألا

<<  <  ج: ص:  >  >>