للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الأفعال المتعدية أن يجيء مصدرها على فعول لكنه قد جاء لزمه لزوما ونهكه المرض نهوكا فهذا مثله وكذلك هو مصدر في قوله فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ [الأعراف: ٢٢] .

قوله عز وجل:

[سورة فاطر (٣٥) : الآيات ٦ الى ٨]

إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ (٦) الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (٧) أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ (٨)

قوله تعالى: إِنَّ الشَّيْطانَ الآية، يقوي قراءة من قرأ «الغرور» بفتح الغين، وقوله فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا أي بالمباينة والمقاطعة والمخالفة له باتباع الشرع، و «الحزب» الحاشية والصاغية، واللام في قوله لِيَكُونُوا لام الصيرورة لأنه لم يدعهم إلى السعير إنما اتفق أن صار أمرهم عن دعائه إلى ذلك، والسَّعِيرِ طبقة من طبقات جهنم وهي سبع طبقات، وقوله الَّذِينَ كَفَرُوا في موضع رفع بالابتداء وهذا هو الحسن لعطف الَّذِينَ آمَنُوا عليه بعد ذلك فهي جملتان تعادلتا، وجوز بعض الناس في الَّذِينَ أن يكون بدلا من الضمير في «يكونوا» وجوز غيره أن يكون الَّذِينَ في موضع نصب بدلا من حِزْبَهُ وجوز بعضهم أن يكون في موضع خفض بدلا من أَصْحابِ وهذا كله محتمل، غير أن الابتداء أرجح. وقوله تعالى: أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً توقيف وجوابه محذوف تقديره عند الكسائي تذهب نفسك حسرات عليهم، ويمكن أن يتقدر كمن اهتدى ونحو هذا من التقدير، وأحسنها ما دل اللفظ بعد عليه، وقرأ طلحة «أمن زين» بغير فاء، وهذه الآية تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم عن كفر قومه، ووجب التسليم لله تعالى في إضلال من شاء وهداية من شاء، وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالإعراض عن أمرهم وأن لا يبخع نفسه أسفا عليهم، وقرأ جمهور الناس «فلا تذهب» بفتح التاء والهاء «نفسك» بالرفع، وقرأ أبو جعفر وقتادة وعيسى والأشهب «تذهب» بضم التاء وكسر الهاء نفسك بالنصب، ورويت عن نافع، و «الحسرة» هم النفس على فوات أمر، واستشهد ابن زيد لذلك بقوله تعالى: يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ [الزمر: ٥٦] ثم توعد تعالى الكفرة بقوله إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ.

قوله عز وجل:

[سورة فاطر (٣٥) : الآيات ٩ الى ١٠]

وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ (٩) مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ (١٠)

هذه آية احتجاج على الكفرة في إنكار البعث من القبور، فدلهم تعالى على المثال الذي يعاينونه وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>