للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلاف للباب: أفعل لا يتعدى وفعل يتعدى، ونظيره قشعت الريح فأقشع، وأَهْدى في هذه الآية أفعل من الهدى، وقرأ طلحة: «أمن يمشي» بتخفيف الميم، وإفراد «السمع» لأنه اسم جنس يقع للكثير وقَلِيلًا نصب بفعل مضمر، وما: مصدرية، وهي في موضع رفع، وقوله: قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ يقتضي ظاهره أنهم يشكرون قليلا، فهذا إما أن يريد به ما عسى أن يكون للكافر من شكر وهو قليل غير نافع، وإما أن يريد جملة فعبر بالقلة كما تقول العرب: هذه أرض قل ما تنبت كذا، وهي لا تنبته بتة، ومن شكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه النعمة أنه كان يقول في سجوده: «سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره» ، و «ذرأكم» معناه: بثكم والحشر المشار إليه، هو بعث القيامة، وإليه أشار بقوله: هذَا الْوَعْدُ فأخبر تعالى أنهم يستعجلون أمر القيامة، ويوقفون على الصدق، في الإخبار بذلك.

قوله عز وجل:

[سورة الملك (٦٧) : الآيات ٢٦ الى ٣٠]

قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٦) فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (٢٧) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (٢٨) قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٩) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ (٣٠)

أمر الله تعالى نبيه أن يخبرهم بأن علم القيامة والوعد الصدق هو مما تفرد الله به، وأن محمدا إنما هو نذير يعلم ما علم ويخبر بما أمر أن يخبر به، وقوله: فَلَمَّا رَأَوْهُ الضمير للعذاب الذي تضمنه الوعد، وهذه حكاية حال تأتي المعنى: فإذا رَأَوْهُ و: زُلْفَةً معناه قريبا. قال الحسن: عيانا. وقال ابن زيد:

حاضرا، و: سِيئَتْ معناه: ظهر فيها السوء، وقرأ جمهور الناس: «سيئت» بكسر السين، وقرأ أبو جعفر الحسن ونافع أيضا وابن كثير وأبو رجاء وشيبة وابن وثاب وطلحة: بالإشمام بين الضم والكسر. وقرأ جمهور الناس ونافع بخلاف عنه: «تدّعون» بفتح الدال وشدها، على وزن: تفتعلون، أي تتداعون أمره بينكم، وقال الحسن: يدّعون أنه لا جنة ولا نار، وقرأ أبو رجاء والحسن والضحاك وقتادة وابن يسار وسلام:

«يدعون» بسكون الدال على معنى: يستعجلون، كقولهم: عجل لنا قطنا، وأمطر علينا حجارة وغير ذلك، وروي في تأويل قوله: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا الآية، أنهم كانوا يدعون على محمد وأصحابه بالهلاك، وقيل بل كانوا يترامون بينهم بأن يهلكوه بالقتل ونحوه فقال الله تعالى: قل لهم أرأيتم إن كان هذا الذي تريدون بنا وتم ذلك فينا، أو أرأيتم إن رحمنا الله فنصرنا ولم يهلكنا من يجيركم من العذاب الذي يوجبه كفركم على كل حال؟ وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وحفص، وعن عاصم: «إن أهلكني الله ومن معي» بنصب الياءين، وأسكن الكسائي وعاصم في رواية أبي بكر الياء في:

«معي» وقرأ حمزة: بإسكان الياءين، وروى المسيب عن نافع أنه أسكن ياء: «أهلكني» ، قال أبو علي التحريك في الياءين حسن وهو الأصل، والإسكان كراهية الحركة في حرف اللين، يتجانس ذلك، وقرأ

<<  <  ج: ص:  >  >>