للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالزهر وهو ما اصفر من النور، وقيل «الزهر» النور جملة لأن الزهر له منظر ثم يضمحل فكذلك حال هؤلاء، ونصب زَهْرَةَ يجوز أن ينصب على الحال وذلك أن تعرفها ليس بمحض، وقرأت فرقة «زهرة» بسكون الهاء، وفرقة «زهرة» بفتح الهاء ثم أخبر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم، أن ذلك إنما هو ليختبرهم به ويجعله فتنة لهم وأمرا يجازون عليه بالسوء لفساد تقلبهم فيه، وَرِزْقُ الله تعالى الذي أحله للمتقين من عباده خَيْرٌ وَأَبْقى أي رزق الدنيا خير ورزق الآخرة أبقى وبين أنه خير من رزق الدنيا، ثم أمره تعالى بأن يأمر أهله بالصلاة وتمثيلها معهم ويصطبر عليها ويلازمها ويتكفل هو برزقه لا إله إلّا هو، وأخبره أن العاقبة الأولى التقوى وفي حيزها فثم نصر الله في الدنيا ورحمته في الآخرة، وهذا الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، ويدخل في عمومه جميع أمته. وروي أن عروة بن الزبير رضي الله عنه كان إذا رأى شيئا من أخبار السلاطين وأحوالهم بادر إلى منزله فدخله وهو يقرأ وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا الآية إلى قوله وَأَبْقى، ثم ينادي بالصلاة الصلاة يرحمكم الله، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوقظ أهل داره لصلاة الليل ويصلي هو ويتمثل بهذه الآية، وقرأ الجمهور «نحن نرزقك» بضم القاف، وقرأت فرقة «نزرقك» بسكونها، ثم أخبر تعالى عن طوائف من الكفار قالوا عن محمد صلى الله عليه وسلم، لَوْلا يَأْتِينا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أي بعلامة مما اقترحناها عليه وبما يبهر ويضطر.

قال القاضي أبو محمد: ورسل الله إنما اقترنت معهم آيات معرضة للنظر محفوفة بالبراهين العقلية ليضل من سبق في علم الله تعالى ضلاله ويهتدي من سبق في علم الله تعالى هداه، فوبخهم الله تعالى بقوله أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى يعني التوراة أعظم شاهد وأكبر آية له. وقرأ نافع وأبو عمرو وحفص عن عاصم «تأتهم» على لفظة بَيِّنَةُ وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم «يأتهم» بالياء على المعنى، وقرأت فرقة «بينة ما» بالإضافة إلى ما وقرأت فرقة «بينة» بالتنوين، وما على هذه القراءة فاعلة ب «تأتي» ، وقرأ الجمهور «في الصحف» بضم الحاء، وقرأت فرقة «في الصحف» بسكونها.

قوله عز وجل:

[سورة طه (٢٠) : الآيات ١٣٤ الى ١٣٥]

وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى (١٣٤) قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدى (١٣٥)

أخبر الله تعالى نبيه عليه السلام أنه لو أهلك هذه الأمة الكافرة قبل إرساله إليهم محمدا لقامت لهم حجة رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا الآية. وروى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال «يحتج على الله تعالى يوم القيامة ثلاثة الهالك في الفترة والمغلوب على عقله والصبي الصغير فيقول المغلوب على عقله رب لم تجعل لي عقلا ويقول الصبي نحوه ويقول الهالك في الفترة رب لم ترسل إليّ رسولا ولو جاءني لكنت أطوع خلقك لك» قال «فترفع لهم نار ويقال لهم ردوها» قال «فيردها من كان في علم الله تعالى أنه سعيد ويكع عنها الشقي فيقول الله تعالى إياي عصيتم فكيف برسلي لو أتتكم» أما الصبي

<<  <  ج: ص:  >  >>