اختلف الناس في الحروف التي في أوائل السور على قولين فقالت فرقة: هو سر الله في القرآن لا ينبغي أن يعرض له، يؤمن بظاهره ويترك باطنه. وقال الجمهور بل ينبغي أن يتكلم فيها وتطلب معانيها فإن العرب قد تأتي بالحرف الواحد دالا على كلمة وليس في كتاب الله ما لا يفهم، ثم اختلف هذا الجمهور على أقوال قد استوفينا ذكرها في سورة البقرة، ونذكر الآن ما يختص بهذه السورة. قال ابن عباس وابن جبير والضحاك هذه حروف دالة على أسماء من أسماء الله تعالى الكاف من «كبير» ، وقال ابن جبير أيضا الكاف من «كاف» ، وقال أيضا هي من «كريم» فمقتضى أقواله أنها دالة على كل اسم فيه كاف من أسمائه تعالى. قالوا والهاء من «هاد» ، والياء من «علي» وقيل من «حكيم» ، وقال الربيع بن أنس هي من «يأمن» لا يجير ولا يجار عليه. قال ابن عباس والعين من «عزيز» وقيل من «عليم» وقيل من «عدل» ، والصاد من «صادق» وقال قتادة بل كهيعص بجملته اسم للسورة، وقالت فرقة بل هي اسم من أسماء الله تعالى.
وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كان يقول يا كهيعص اغفر لي، فهذا يحتمل أن تكون الجملة من أسماء الله تعالى ويحتمل أن يريد علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن ينادي الله تعالى بجميع الأسماء التي تضمنها كهيعص، كأنه أراد أن يقول «يا كريم يا هادي يا علي يا عزيز يا صادق» اغفر، فجمع هذا كله باختصار في قوله يا كهيعص. وقال ابن المستنير وغيره كهيعص عبارة عن حروف المعجم، ونسبه الزجاج إلى أكثر أهل اللغة، أي هذه الحروف منها ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا وعلى هذا يتركب قول من يقول ارتفع ذِكْرُ بأنه خبر عن كهيعص، وهي حروف تهج يوقف عليها بالسكون. وقرأ الجميع كاف بإثبات الألف والفاء. وقرأ نافع الهاء والياء وبين الكسر والفتح ولا يدغم الدال