لما ذكر تعالى المؤمنين العاملين الصالحات وذكر ثوابهم عقب بذكر ضدهم وذكر جزائهم ليظهر تباين المنازل، وقرأت فرقة «معاجزين»(وقرأت فرقة معجزين) ، وقد تقدم تفسيرها في صدر السورة، ومُحْضَرُونَ من الإحضار والإعداد، ثم كرر القول ببسط الرزق وقدره تأكيدا وتبيينا وقصد به هاهنا رزق المؤمنين وليس سوقه على المعنى الأول الذي جلب للكافرين، بل هذا هنا على جهة الوعظ والتزهيد في الدنيا والحض على النفقة في الطاعات، ثم وعد بالخلف في ذلك وهو بشرط الاقتصاد والنية في الطاعة ودفع المضرات وعد منجز إما في الدنيا وإما في الآخرة، وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«قال الله لي أنفق أنفق عليك» وفي البخاري أن ملكا ينادي كل يوم اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول ملك آخر: اللهم أعط ممسكا تلفا، وقال مجاهد المعنى إن كان خلف فهو موليه وميسره، وقد لا يكون الخلف، وأما قوله خَيْرُ الرَّازِقِينَ فمن حيث يقال في الإنسان إنه يرزق عياله، والأمير جنده، لكن ذلك من مال يملك عليهم والله تعالى من خزائن لا تفنى ومن إخراج من عدم إلى وجود، وقرأ الأعمش «ويقدّر» بضم الياء وشد الدال.
هذه آية وعيد للكفار، والمعنى واذكر يوم نحشرهم، وقرأ جمهور القراء «نحشرهم جميعا ثم نقول» بالنون فيهما، ورواها أبو بكر عن عاصم، وقرأ حفص عن عاصم «ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول» بالياء فيهما، وذكرها أبو حاتم عن أبي عمرو، والقول للملائكة هو توقيف تقوم منه الحجة على الكفار عبدتهم وهذا نحو قوله تعالى لعيسى عليه السلام أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ [المائدة: ١١٦] وإذا قال الله تعالى للملائكة هذه المقالة قالت الملائكة سُبْحانَكَ أي تنزيها لك عما فعل هؤلاء الكفرة، ثم برؤوا أنفسهم بقولهم أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ يريدون البراءة من أن يكون لهم رضى أو علم أو مشاركة في أن يعبدهم البشر، ثم قرروا أن البشر إنما عبدت الجن برضى الجن وبإغوائها للبشر فلم تنف الملائكة عبادة البشر