وقالت فرقة: شبه ب رُؤُسُ صنف من الحيات يقال لها الشياطين وهي ذوات أعراف ومنه قول الشاعر: [الرجز]
عجيز تحلف حين أحلف ... كمثل شيطان الحماط اعرف
وقالت فرقة: شبه بما استقر في النفوس من كراهة رُؤُسُ الشَّياطِينِ وقبحها، وإن كانت لم تر، وهذا كما تقول لكل شعث المنتفش الشعر الكريه المنظر هذا شيطان ونحو هذا قول امرئ القيس:
فإنما شبه بما استقر في النفوس من هيبتها، و «الشوب» المزاج والخلط، قاله ابن عباس وقتادة، وقرأ شيبان النحوي «لشوبا» ، بضم الشين، قال الزجاج: فتح الشين المصدر، وضمه الاسم، و «الحميم» السخن جدا من الماء ونحوه، فيريد به هاهنا شرابهم الذي هو طينة الخبال صديدهم وما ينماع منهم، هذا قول جماعة من المفسرين، وقوله تعالى: ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ يحتمل أن يكون لهم انتقال أجساد في وقت الأكل والشرب، ثم يرجعون إلى معظم الجحيم وكثرته، ذكره الرماني وشبه بقوله تعالى: يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ [الرحمن: ٤٤] ، ويحتمل أن يكون الرجوع إنما هو من حال ذلك الأكل المعذب إلى حال الاحتراق دون أكل، وبكل احتمال قيل، وفي مصحف ابن مسعود «وأن منقلهم لإلى الجحيم» ، وفي كتاب أبي حاتم عنه «مقيلهم» ، من القائلة وقوله تعالى: إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ إلى آخر الآية تمثيل لقريش ويُهْرَعُونَ قال قتادة والسدي وابن زيد: معناه يسرعون كأنهم يساقون بعجلة وهذا تكسبهم للكفر وحرصهم عليه، والإهراع سير شديد قال مجاهد: كهيئة الهرولة.
قال القاضي أبو محمد: فيه شبه رعدة وكأنه أيضا شبه سير الفازع.
مثل تعالى لقريش في هذه الآية بالأمم التي ضلت قديما وجاءها الإنذار وأهلكها الله بعذابه، وقوله تعالى: فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ، يقتضي الإخبار بأنه عذبهم، ولذلك حسن الاستثناء في قوله إِلَّا عِبادَ اللَّهِ، ونداء نوح عليه السلام قد تضمن أشياء منها الدعاء على قومه، ومنها سؤال النجاة ومنها طلب النصرة، وفي جميع ذلك وقعت الإجابة، وقوله تعالى: فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ يقتضي الخبر بأن الإجابة كانت على أكمل ما أراد نوح عليه السلام، والْكَرْبِ الْعَظِيمِ قال السدي: هو الغرق.