وقوله تعالى: أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ يحتمل أن يكون من قول المؤمنين يومئذ حكاه الله عنهم، ويحتمل أن يكون استئنافا من قول الله تعالى وإخباره لمحمد عليه السلام.
قوله تعالى: وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ إنحاء على الأصنام والأوثان التي أظهر الكفار ولايتها واعتقدت ذلك دينا، المعنى: فما بالهم يوالون هذه التي لا تضر ولا تنفع، ولكن من يضلل الله فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ هدى ونجاة، ثم أمر تعالى نبيه أن يأمرهم بالاستجابة لدعوة الله وشريعته، وحذرهم إتيان يوم القيامة الذي لا يرد أحد بعده إلى عمل، والذي لا ملجأ ولا منجا لأحد فيه إلا إلى العلم بالله تعالى والعمل الصالح في الدنيا، فأخبرهم أنه لا ملجأ لهم ولا نكير. والنكير مصدر بمعنى الإنكار وهو بمنزلة عديد الحي ونحوه من المصادر، ويحتمل أن يكون من أبنية اسم الفاعل من نكر، وإن كان المعنى يبعد به، لأن نكر إنما معناه لم يميز وظن الأمر غير ما عهده.
وقوله تعالى: فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً تأنيس لمحمد عليه السلام وإزالة لهمه بهم، وأعلمه أنه ليس عليه إلا البلاغ وتوصيل الحجة، ثم جاءت عبارة في باقي الآية هي بمنزلة ما يقول، والقوم قوم عتو وتناقض أخلاق واضطراب، إذا أذيقوا رحمة فرحوا بها وبطروا، وإن أصابت سيئة أي مصيبة تسوءهم في أجسامهم أي في نفوسهم، وذلك بذنوبهم وقبيح فعلهم فإنهم كفر عند ذلك غير صبر. وعبر ب الْإِنْسانَ الذي هو اسم عام ليدخل في الآية والمذمة جميع الكفرة من المجاورين يومئذ ومن غيرهم، وجمع الضمير في قوله: تُصِبْهُمْ وهو عائد على لفظ الْإِنْسانَ من حيث هو اسم جنس يعم كثيرا.