الربوبية عنهم، وقرأ محمد اليماني «والذين يدعون» بضم الياء وفتح على ما لم يسم. وأَمْواتٌ يراد به الذين يدعون من دون الله ورفع على خبر ابتداء مضمر تقديره هم أموات، ويجوز أن يكون خبرا لقوله وَالَّذِينَ بعد خبر في قوله لا يَخْلُقُونَ ووصفهم بالموت مجازا. وإنما المراد لا حياة لهم، فشبهوا بالموت، وقوله غَيْرُ أَحْياءٍ أي لم يقبلوا حياة قط، ولا اتصفوا بها.
قال القاضي أبو محمد: وعلى قراءة من قرأ «والذين يدعون» فالياء على غيبة الكفار، يجوز أن يراد بالأموات الكفار الذين ضميرهم في «يدعون» ، شبههم بالأموات غير الأحياء من حيث هم ضلال غير مهتدين، ويستقيم على هذا فيهم قوله وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ و «البعث» هنا هو الحشر من القبور، وأَيَّانَ ظرف زمان مبني، وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي «إيان» بكسر الهمزة، والفتح فيها والكسر لغتان، وقالت فرقة: وَما يَشْعُرُونَ أي الكفار أَيَّانَ يُبْعَثُونَ الضميران لهم، وقالت فرقة: وما يشعر الأصنام أيان يبعث الكفار.
قال القاضي أبو محمد: ويحتمل أن يكون الضميران للأصنام، ويكون البعث الإثارة، كما تقول بعثت النائم من نومه إذا نبهته، وكما تقول بعث الرامي سهمه، فكأنه وصفهم بغاية الجمود أي وإن طلبت حركاتهم بالتحريك لم يشعروا لذلك.
قال القاضي أبو محمد: وعلى تأويل من يرى الضمير للكفار ينبغي أن يعتقد في الكلام الوعيد، وما يشعر الكفار متى يبعثون إلى التعذيب، ولو اختصر هذا المعنى لم يكن في وصفهم بأنهم «لا يشعرون وأيان يبعثون» طائل، لأن الملائكة والأنبياء والصالحين كذلك هم في الجهل بوقت البعث، وذكر بعض الناس أن قوله أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ظرف لقوله إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ [النحل: ٢٢] وأن الكلام تم في قوله وَما يَشْعُرُونَ، ثم أخبر عن يوم القيامة أن الإله فيه واحد وهذا توعد.
لما تقدم وصف الأصنام جاء الخبر الحق بالوحدانية، وهذه مخاطبة لجميع الناس معلمة بأن الله تعالى متحد وحدة تامة لا يحتاج لكمالها إلى مضاف إليها، ثم أخبر عن إنكار قلوب الكافرين وأنهم يعتقدون ألوهية أشياء أخر، ويستكبرون عن رفض معتقدهم فيها، واطراح طريقة آبائهم في عبادتها، ووسمهم بأنهم لا يؤمنون بالآخرة إذ هي أقوى رتب الكفر، أعني الجمع بين التكذيب بالله تعالى وبالبعث، لأن كل مصدق يبعث فمحال أن يكذب بالله، وقوله لا جَرَمَ عبرت فرقة من النحويين عن معناها بلا بد