للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخدم ونحوه، وقرأ أبان بن عثمان «من الضأن اثنان» على الابتداء والخبر المقدم، ويقال في جمع ماعز معز ومعز ومعيز وأمعوز وقوله تعالى: قُلْ آلذَّكَرَيْنِ هذا تقسيم على الكفار حتى يتبين كذبهم على الله، أي لا بد أن يكون حرم الذكرين فيلزمكم تحريم جميع الذكور أو الأنثيين فيلزمكم تحريم جميع الإناث، أم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين فيلزمكم تحريم الجميع وأنتم لم تلتزموا شيئا مما يوجبه هذا التقسيم، وفي هذه السؤالات تقرير وتوبيخ ثم اتبع تقريرهم وتوبيخهم بقوله نَبِّئُونِي أخبروني بِعِلْمٍ أي من جهة نبوءة أو كتاب من كتب الله إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ وإِنْ شرط وجوابه في نَبِّئُونِي، وجاز تقديم جواب هذا الشرط لما كانت إِنْ لا يظهر لها عمل في الماضي، ولو كانت ظاهرة العمل لما جاز تقدم الجواب.

قوله عز وجل:

[[سورة الأنعام (٦) : آية ١٤٤]]

وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهذا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٤٤)

القول في هذه الآية في المعنى وترتيب التقسيم كالقول المتقدم في قوله مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ [الأنعام: ١٤٣] وكأنه قال أنتم الذين تدعون أن الله حرم خصائص من هذه الأنعام لا يخلو تحريمه من أن يكون في آلذَّكَرَيْنِ أو فيما اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ لكنه لم يحرم لا هذا ولا هذا فلم يبق إلا أنه لم يقع تحريم.

وقوله تعالى: أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهذا الآية استفهام على جهة التوبيخ، إذ لم يبق لهم الادعاء المحال والتقوّل أنهم شاهدوا وصية الله لهم بهذا، وشُهَداءَ جمع شهيد، ثم تضمن قوله تعالى: فَمَنْ أَظْلَمُ ذكر حال مفتري الكذب على الله وتقرير إفراط ظلمه، وقال السدي: كان الذين سيبوا وبحروا يقولون: الله أمرنا بهذا ثم بيّن تعالى سوء مقصدهم بالافتراء لأنه لو افترى أحد فرية على الله لغير معنى لكان ظلما عظيما فكيف إذا قصد بهما إضلال أمة. وقد يحتمل أن تكون اللام في لِيُضِلَّ لام صيرورة، ثم جزم الحكم لا رب غيره بأنه لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ، أي لا يرشدهم، وهذا عموم في الظاهر وقد تبين تخصيصه مما يقتضيه الشرع أن الله يهدي ظلمة كثيرة بالتوبة.

قوله عز وجل:

[[سورة الأنعام (٦) : آية ١٤٥]]

قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤٥)

هذا أمر من الله عز وجل بأن يشرع للناس جميعا ويبين عن الله ما أوحي إليه، وهذه الآية نزلت بمكة

<<  <  ج: ص:  >  >>