وأما من قرأ:«فأجمعوا» بقطع الألف فنصب «الشركاء» بفعل مضمر كأنه قال: وادعوا شركاءكم فهو من باب قول الشاعر: [المتقارب] شراب اللبان وتمر وأقط ومن قول الآخر: [مجزوء الكامل مرفل]
ورأيت زوجك في الوغى ... متقلدا سيفا ورمحا
ومن قول الآخر:[الرجز]
علفتها تبنا وماء باردا ... حتى شأت همالة عيناها
وفي مصحف أبي بن كعب:«فأجمعوا وادعوا شركاءكم» ، قال أبو علي: وقد ينتصب «الشركاء» بواو «مع» ، كما قالوا جاء البريد والطيالسة، وقرأ أبو عبد الرحمن والحسن وابن أبي إسحاق وعيسى وسلام ويعقوب وأبو عمرو فيما روي عنه «وشركاؤكم» بالرفع عطفا على الضمير في «أجمعوا» ، وعطف على الضمير قبل تأكيده لأن الكاف والميم في أَمْرَكُمْ ناب مناب أنتم المؤكد للضمير، ولطول الكلام أيضا، وهذه العبارة أحسن من أن يطول الكلام بغير ضمير، ويصح أن يرتفع بالابتداء والخبر مقدر تقديره وشركاؤهم فليجمعوا، وقرأت فرقة «وشركائكم» بالخفض على العطف على الضمير في قوله: أَمْرَكُمْ، التقدير وأمر شركائكم، فهو كقول الشاعر [العجّاج] :
أكل امرئ تحسبين امرأ ... ونار توقد بالليل نارا
أي وكل نار، والمراد بالشركاء في هذه الآية الأنداد من دون الله، فأضافهم إليهم إذ يجعلونهم شركاء بزعمهم، وقوله ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً، أي ملتبسا مشكلا، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في الهلال، «فإن غم عليكم» ومنه قول الراجز:
ولو شهدت الناس إذا تكمّوا ... بغمة لو لم تفرج غمّوا
وقوله ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ ومعناه أنفذوا قضاءكم نحوي، وقرأ السدي بن ينعم:«ثم أفضوا» بالفاء وقطع الألف، ومعناه: أسرعوا وهو مأخوذ من الأرض الفضاء أي اسلكوا إلي بكيدكم واخرجوا معي وبي إلى سعة وجلية، وقوله وَلا تُنْظِرُونِ أي لا تؤخرون والنظرة التأخير.