[باب في تفسير أسماء القرآن وذكر السورة والآية]
هو القرآن، وهو الكتاب، وهو الفرقان، وهو الذكر، فالقرآن مصدر من قولك: قرأ الرجل إذا تلا يقرأ قرآنا وقراءة، وحكى أبو زيد الأنصاري: وقرءا. وقال قتادة: «القرآن معناه التأليف قرأ الرجل إذا جمع وألف قولا» وبهذا فسر قتادة قول الله تعالى: إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ
[القيامة: ١٧] أي تأليفه، وهذا نحو قول الشاعر عمرو بن كلثوم: [الوافر]
ذراعي بكرة أدماء بكر ... هجان اللون لم تقرأ جنينا
أي لم تجمع في بطنها ولدا فهو أفره لها، والقول الأول أقوى إن القرآن مصدر من قرأ إذا تلا، ومنه قول حسان بن ثابت يرثي عثمان بن عفان رضي الله عنه: [البسيط] .
ضحوا بأشمط عنوان السجود به ... يقطّع الليل تسبيحا وقرآنا
أي قراءة.
وأما الكتاب فهو مصدر من كتب إذا جمع. ومنه قيل كتيبة لاجتماعها. ومنه قول الشاعر: «واكتبها بأسيار» أي اجمعها.
وأما الفرقان أيضا فهو مصدر لأنه فرق بين الحق والباطل، والمؤمن والكافر، فرقا وفرقانا.
وأما الذكر فسمي به لأنه ذكر به الناس آخرتهم وإلههم وما كانوا في غفلة عنه فهو ذكر لهم، وقيل سمي بذلك لأنه فيه ذكر الأمم الماضية والأنبياء، وقيل: سمي بذلك لأنه ذكر وشرف لمحمد صلى الله عليه وسلم وقومه وسائر العلماء به.
وأما السورة فإن قريشا كلها ومن جاورها من قبائل العرب كهذيل، وسعد بن بكر، وكنانة، يقولون:
سورة بغير همز، وتميم كلها وغيرهم أيضا يهمزون فيقولون: سؤر وسؤرة.
فأما من همز فهي عنده كالبقية من الشيء والقطعة منه التي هي سؤر وسؤرة من أسأر إذا أبقى. ومنه «سؤر الشراب» ومنه قول الأعشى- وهو ميمون بن قيس-: [المتقارب]
فبانت وقد أسأرت في الفؤا ... د صدعا على نأيها مستطيرا
أي أبقت فيه.
وأما من لا يهمز فمنهم من يراها من المعنى المتقدم إلا أنها سهلت همزتها. ومنهم من يراها مشبهة