وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ العذاب بدعاء الفضلاء ونحوه وهذا وما شاكله مفسد لمعنى الآية وذلك أن الآية تقتضي ولا بد مدفوعا من الناس ومدفوعا عنه فتأمله، وقرأ نافع وابن كثير «لهدمت» مخففة الدال، وقرأ الباقون «لهدّمت» مشددة وهذه تحسن من حيث هي صوامع كثيرة ففي هدمها تكرار وكثرة كما قال بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ [النساء: ٧٨] فثقل الياء وقال قَصْرٍ مَشِيدٍ [الحج: ٤٥] فخفف لكونه فردا وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ [يوسف: ٤٣] ومُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ [ص: ٥٠] و «الصومعة» موضع العبادة وزنها فوعلة وهي بناء مرتفع منفرد حديد الأعلى، والأصمع من الرجال الحديد القول وكانت قبل الإسلام مختصة برهبان النصارى وبعباد الصابئين، قاله قتادة، ثم استعمل في مئذنة المسلمين والبيع كنائس النصارى واحدتها بيعة قال الطبري: وقيل هي كنائس اليهود ثم أدخل عن مجاهد ما لا يقتضي ذلك، و «الصلوات» مشتركة لكل ملة واستعير الهدم للصلوات من حيث تعطل، أو أراد وموضع صلوات، وذهبت فرقة إلى أن الصلوات اسم لشنائع اليهود وأن اللفظة عبرانية عربت وليست بجمع صلاة، وقال أبو العالية الصلوات مساجد الصابئين، واختلفت القراءة فيها فقرأ جمهور الناس «صلوات» بفتح الصاد واللام وبالتاء بنقطتين وذلك إما بتقدير ومواضع صلوات وإما على أن تعطيل الصلاة هدمها، وقرأ جعفر بن محمد «صلوات» بفتح الصاد وسكون اللام، وقرأت فرقة بكسر الصاد وسكون اللام حكاها ابن جني، وقرأ الجحدري فيما روي عنه «وصلوات» بتاء بنقطتين من فوق وبضم الصاد واللام على وزن فعول قال وهي مساجد
النصارى، وقرأ الجحدري والحجاج بن يوسف «وصلوب» بضم الصاد واللام وبالباء على أنه جمع صليب، وقرأ الضحاك والكلبي «وصلوث» بضم الصاد واللام وبالثاء منقوطة ثلاثا قالوا وهي مساجد اليهود، وقرأت فرقة «صلوات» بفتح الصاد وسكون اللام، وقرأت فرقة «صلوات» بضم الصاد واللام حكاها ابن جني، وقرأت فرقة «صلوثا» بضم الصاد واللام وقصر الألف بعد الثاء، وحكى ابن جني أن خارج باب الموصل بيوتا يدفن فيها النصارى يقال لها «صلوت» ، وقرأ عكرمة ومجاهد «صلويثا» بكسر الصاد وسكون اللام وكسر الواو وقصر الألف بعد الثاء قال القاضي: وذهب خصيف إلى أن هذه الأسماء قصد بها متعبدات الأمم، و «الصوامع» للرهبان ع وقيل للصابئين، و «البيع» للنصارى، و «الصلوات» لليهود و «المساجد» للمسلمين والأظهر أنها قصد بها المبالغة بذكر المتعبدات وهذه الأسماء تشترك الأمم في مسمياتها إلا البيعة فإنها مختصة بانصارى في عرف لغة العرب، ومعاني هذه الأسماء هي في الأمم التي لها كتاب على قديم الدهر ولم يذكر في هذه المجوس ولا أهل الاشتراك لأن هؤلاء ليس لهم ما تجب حمايته ولا يوجد ذكر الله إلا عند أهل الشرائع، وقوله يُذْكَرُ فِيهَا الضمير عائد على جميع ما تقدم ثم وعد الله تعالى بنصره نصرة دينه وشرعه، وفي ذلك حض على القتال والجد فيه ثم الآية تعم كل من نصر حقا إلى يوم القيامة.