وحكاهما أبو عمرو الداني قراءتين عن ابن عباس فالله أعلم.
وقوله تعالى: وَإِنْ تَوَلَّوْا أي أعرضوا، يعني به اليهود والنصارى، والشقاق المشاقة والمحادة والمخالفة، أي في شقاق لك هم في شق وأنت في شق، وقيل: شاق معناه شق كل واحد وصل ما بينه وبين صاحبه، ثم وعده تعالى أنه سيكفيه إياهم ويغلبه عليهم، فكان ذلك في قتل بني قينقاع وبني قريظة وإجلاء النضير.
وهذا الوعد وانتجازه من أعلام نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، والسَّمِيعُ لقول كل قائل، الْعَلِيمُ بما يجب أن ينفذ في عباده.
وصِبْغَةَ اللَّهِ شريعته وسنته وفطرته، قال كثير من المفسرين: وذلك أن النصارى لهم ماء يصبغون فيه أولادهم، فهذا ينظر إلى ذلك: وقيل: سمي الدين صِبْغَةَ استعارة من حيث تظهر أعماله وسمته على المتدين كما يظهر الصبغ في الثوب وغيره، ونصب الصبغة على الإغراء، وقيل بدل من ملة، وقيل نصب على المصدر المؤكد لأن ما قبله من قوله فَقَدِ اهْتَدَوْا هو في معنى يلبسون أو يتجللون صبغة الله، وقيل: التقدير ونحن له مسلمون صبغة الله، فهي متصلة بالآية المتقدمة، وقال الطبري من قرأ برفع «ملة» قرأ برفع «صبغة» .
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: وقد ذكرتها عن الأعرج وابن أبي عبلة. ونَحْنُ لَهُ عابِدُونَ ابتداء وخبر.
معنى الآية: قُلْ يا محمد لهؤلاء اليهود والنصارى الذين زعموا أنهم أبناء الله وأحباؤه، وادعوا أنهم أولى بالله منكم لقدم أديانهم وكتبهم: أَتُحَاجُّونَنا فِي اللَّهِ؟ أي أتجاذبوننا الحجة على دعواكم، والرب تعالى واحد وكل مجازى بعمله، فأي تأثير لقدم الدين؟، ثم وبخوا بقوله وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ أي ولم تخلصوا أنتم، فكيف تدعون ما نحن أولى به منكم؟.
وقرأ ابن محيصن «أتحاجونا» بإدغام النون في النون، وخف الجمع بين ساكنين لأن الأول حرف مد ولين، فالمد كالحركة، ومن هذا الباب دابة وشابة، وفِي اللَّهِ معناه في دينه والقرب منه والحظوة لديه.
وقوله تعالى: أَمْ تَقُولُونَ عطف على ألف الاستفهام المتقدمة، وهذه القراءة بالتاء من فوق قرأها