قال القاضي أبو محمد: فأما أن يكون لفظ مَرْجُوًّا بمعنى حقير فليس ذلك في كلام العرب، وإنما يتجه ذلك على جهة التفسير للمعنى، وذلك أن القصد بقولهم: مَرْجُوًّا يكون: لقد كنت فينا سهلا مرامك قريبا رد أمرك، ممن لا يظن أن يستفحل من أمره مثل هذا فمعنى «مرجو» أي مرجو اطراحه وغلبته ونحو هذا، فيكون ذلك على جهة الاحتقار، فلذلك فسر بحقير، ويشبه هذا المعنى قول أبي سفيان بن حرب: لقد أمر أمر ابن أبي كبشة ... الحديث ثم يجيء قولهم: أَتَنْهانا على جهة التوعد والاستشناع لهذه المقالة منه.
وما يَعْبُدُ آباؤُنا يريدون به الأوثان والأصنام، ثم أوجبوا أنهم في شك من أمره وأقاويله، وأن ذلك الشك يرتابون به زائدا إلى مرتبته من الشك قال القاضي: ولا فرق بين هذه الحال وبين حالة التصميم على الكفر، ومُرِيبٍ معناه ملبس متهم، ومنه قول الشاعر:[الرجز]
قوله: أَرَأَيْتُمْ هو من رؤية القلب، أي أتدبرتم؟ والشرط الذي بعده وجوابه يسد مسد مفعولي أَرَأَيْتُمْ و «البينة» : البرهان واليقين، والهاء في «بيّنة» للمبالغة، ويحتمل أن تكون هاء تأنيث، و «الرحمة» في هذه الآية: النبوة وما انضاف إليها، وفي الكلام محذوف تقديره أيضرني شككم أو أيمكنني طاعتكم ونحو هذا مما يليق بمعنى الآية.
وقوله فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ معناه: فما تعطونني فيما أقتضيه منكم من الإيمان وأطلبكم به من الإنابة غير تخسير لأنفسكم، وهو من الخسارة، وليس التخسير في هذه الآية إلا لهم وفي حيزهم، وأضاف الزيادة إليه من حيث هو مقتض لأقوالهم موكل بإيمانهم، كما تقول لمن توصيه: أنا أريد بك خيرا وأنت تريد بي شرا.
فكأن الوجه البيّن وأنت تزيد شرا ولكن من حيث كنت مريد خير به ومقتضي ذلك- حسن أن تضيف الزيادة إلى نفسك.
وقوله تعالى: وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ الآية، اقتضب في هذه الآية ذكر أول أمر الناقة، وذلك أنه