صابرا لا يدعو في كشف ما به، وكان فيما روي تقع منه الدود فيردها بيده، حتى مر به قوم كانوا يعادونه فشمتوا به، فتألم لذلك ودعا حينئذ فاستجيب له، وكانت امرأته غائبة عنه في بعض شأنها فأنبع الله تعالى له عينا وأمر بالشرب منها فبرىء باطنه، وأمر بالاغتسال فبرىء ظاهره، ورد إلى أفضل جماله، وأتي بأحسن الثياب، وهب عليه رجل من جراد من ذهب فجعل يحثي منها في ثوبه فناداه الله تعالى يا أيوب ألم أغنيتك عن هذا، قال بلى يا رب ولكن لا غنى بي عن بركتك، فبينما هو كذلك إذ جاءت امرأته فلم تره على السباطة فجزعت وظنت أنه أزيل عنها، وجعلت تتوله فقال لها ما شأنك أيتها المرأة فهابته لحسن هيئته، وقالت إني فقدت مريضا كان لي في هذا الموضع ومعالم المكان قد تغيرت، وتأملته في أثناء المقاولة، فرأت أيوب، فقالت له أنت أيوب، فقال لها نعم واعتنقها وبكى فروي أنه لم يفارقها حتى أراه الله تعالى جميع ماله حاضرا بين يديه، واختلف الناس في أهله وولده بأعيانهم وجعل مثلهم له عدة في الآخرة، وقيل بل أتى جميع ذلك في الدنيا من أهل ومال وقوله تعالى: وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ أي وتذكرة وموعظة للمؤمنين، ولا يعبد الله تعالى إلا مؤمن والذكرى إنما هي في محنته والرحمة في زوال ذلك، وقوله أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ تقديره «بأني مسني» فحذف الجار وبقيت أَنِّي في موضع نصب، وروي أن سبب محنة أيوب أنه دخل مع قوم على ملك جار عليهم فأغلظ له القوم ولين له أيوب القول خوفا منه على ماله، فعاقبه الله تعالى على ذلك، وروي أنه كان يقال له ما لك لا تدعو في العافية فكان يقول إني لأستحيي من الله تعالى أن أسأله زوال عذابه حتى يمر علي
فيه ما مر من الرخاء، وأصابه البلاء فيما روي وهو ابن ثمانين سنة.
المعنى واذكر إسماعيل وهو إسماعيل بن إبراهيم الخليل وهو أبو العرب المعروفين اليوم في قول بعضهم وَإِدْرِيسَ هو خنوخ وهو أول نبي بعثه الله تعالى من بني آدم وروي أنه كان خياطا وكان يسبح الله تعالى عند إدخال الإبرة ويحمده عند إخراجها و «ذو الكفل» كان نبيا.
وروي أنه بعث إلى رجل واحد وقيل لم يكن نبيا، ولكنه كان عبدا صالحا، وروي أن أليسع جمع بني إسرائيل فقال من يتكفل لي بصيام النهار وقيام الليل وأن لا يغضب وأوليه النظر للعباد بعدي، فقام إليه شاب فقال أنا لك بذلك فراجعه ثلاثا في كل ذلك يقول أنا لك بذلك فاستعمله، فلما مات أليسع قام بالأمر فجاء إبليس ليغضبه وكان لا ينام إلا في القائلة فكان يأتيه وقت القائلة أياما فيوقظه ويشتكي ظلامته ويقصد تضييق صدره فلم يضق به صدرا ومضى معه لينصفه بنفسه فلما رأى إبليس ذلك غلس عنه وكفاه الله شره فسمي ذَا الْكِفْلِ لأنه تكفل بأمر فوفى به وباقي الآية بين.