للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله عز وجل:

[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٤٠ الى ٤٣]

فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (٤٠) وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ (٤١) وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ (٤٢) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى بَصائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٤٣)

«نبذناهم» معناه طرحناهم، ومنه نبذ النواة ومنه قول الشاعر:

نظرت إلى عنوانه فنبذته ... كنبذك نعلا من نعالك باليا

وقوم فرعون وإن كانوا ساروا إلى البحر ودخلوه باختيارهم فإن ما ضمهم من القدر السابق السائق هو نبذ الله تعالى إياهم فيه، والْيَمِّ بحر القلزم في قول أكثر الناس، وقالت فرقة: كان غرقهم في نيل مصر والأول أشهر، وقوله تعالى: وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ عبارة عن حالهم وأفعالهم وخاتمتهم، أي هم بذلك كالداعين إلى النار وهم فيه أئمة من حيث اشتهروا وبقي حديثهم، فهم قدوة لكل كافر وعات إلى يوم القيامة، والْمَقْبُوحِينَ الذين يقبح كل أمرهم قولا لهم وفعلا بهم، قال ابن عباس: هم الذين قبحوا بسواد الوجوه وزرق العيون، وَيَوْمَ ظرف مقدم، وقوله تعالى: مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى إخبار بأنه أنزل التوراة على موسى بعد هلاك فرعون وقومه وبعد هذه الأمم التي قد تقدم ذكرها من عاد وثمود وقرية قوم لوط وغيرها، والقصد بهذا الإخبار التمثيل لقريش بما تقدم في غيرها من الأمم، وقالت فرقة: إن الآية مضمنة أن إنزال التوراة على موسى هو بعد أن رفع الله تعالى عذاب الأمم فلم تعذب أمة بعد نزول التوراة إلا القرية التي مسخت قردة، فيما روي، وقوله بَصائِرَ نصب على الحال، أي طرائق هادية، وقوله تعالى: لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ أي على ترجي البشر وما يعطيه تأميل من أمل الأمر، وروي عن أبي سعيد الخدري أنه قال: ما أهلك الله تعالى أمة بعذاب منذ أنزل إلى الأرض غير القرية التي مسخت قردة وهم الذين تعدوا في السبت، وهذا التعذيب من سبب شرع موسى فكأنه لا ينقص فضيلة التوراة برفع العذاب عن الأرض.

قوله عز وجل:

[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٤٤ الى ٤٦]

وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٤٤) وَلكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَلكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (٤٥) وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٤٦)

المعنى ولم تحضر يا محمد هذه الغيوب التي تخبر بها ولكنها صارت إليك بوحينا أي فكان الواجب

<<  <  ج: ص:  >  >>