الْوَسْواسِ اسم من أسماء الشيطان، وهو أيضا ما توسوس به شهوات النفس وتسوله، وذلك هو الهواء الذي نهي المرء عن اتباعه وأمر بمعصيته والغضب الذي وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بطرحه وتركه حين قال له رجل أوصني، فقال: لا تغضب، قال زدني: قال: لا تغضب، وقوله:
الْخَنَّاسِ معناه: على عقبه المستتر أحيانا وذلك في الشيطان متمكن إذا ذكر العبد وتعوذ وتذكر فأبصر كما قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ [الأعراف: ٢٠١] ، وإذا فرضنا ذلك في الشهوات والغضب ونحوه فهو يخنس بتذكير النفس اللوامة بلمة الملك وبأن الحياء يردع والإيمان يردع بقوة فتخنس تلك العوارض المتحركة وتنقمع عند من أعين بتوفيق. وقد اندرج هذان المعنيان من الوسواس في قوله تعالى: مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أي من الشياطين ونفس الإنسان، ويظهر أيضا أن يكون قوله: وَالنَّاسِ، يراد به من يوسوس بخدعه من البشر، ويدعو إلى الباطل، فهو في ذلك كالشيطان، وكلهم قرأ «الناس» غير ممالة، وروى الدوري عن الكسائي أنه أمال النون من النَّاسِ في حال الخفض ولا يميل في الرفع والنصب، وقالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه جمع كفيه ونفث فيهما وقرأ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص: ١] والمعوذتين، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، فيبدأ برأسه ووجهه وما أقبل من جسده، ففعل ذلك ثلاثا، وقال قتادة رحمه الله: إن من الناس شياطين ومن الجن شياطين، فتعوذوا بالله من شياطين الإنس والجن.