للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأكرم بقحطان من والد ... وحمير أكرم بقوم نفيرا

وقالوا: لا في العير ولا في النفير، يريدون جمع قريش الخارج من مكة لا بإذن، فلما قال الله لهم إني سأفعل بكم هكذا عقب ذلك بوصيتهم في قوله إِنْ أَحْسَنْتُمْ والمعنى أنكم بعملكم تؤخذون لا يكون ذلك ظلما ولا تسرعا إليكم، ووَعْدُ الْآخِرَةِ معناه من المرتين المذكورتين، وقوله لِيَسُوؤُا اللام لام أمر، وقيل المعنى بعثناهم لِيَسُوؤُا فهي لام كي كلها، والضمير للعباد «أولي البأس الشديد» ، وقرأ الجمهور: «ليسوءوا» بالياء جمع همزة وبين واوين، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وابن عامر «ليسوء» بالياء وهمزة مفتوحة على الإفراد، وقرأ الكسائي، وهي مروية عن علي بن أبي طالب «لنسوء» بنون العظمة، وقرأ أبي بن كعب «لنسوءن» بنون خفيفة، وهي لام الأمر، وقرأ علي بن أبي طالب «لنسوءن» ، وهي لام القسم والفاعل الله عز وجل، وفي مصحف أبي بن كعب «ليسيء» بياء مضمومة بغير واو، وفي مصحف أنس «ليسوء وجهكم» على الإفراد، وخص ذكر «الوجوه» لأنها المواضيع الدالة على ما بالإنسان من خير أو شر، والْمَسْجِدَ مسجد بيت المقدس، و «تبر» معناه أفسد بقسم وركوب رأس، وقوله ما عَلَوْا أي ما غلبوا عليه من الأقطار وملكوه من البلاد، وقيل ما ظرفية والمعنى مدة علوهم وغلبتهم على البلاد، و «تبر» معناه رد الشيء فتاتا كتبر الذهب والحديد، ونحوه وهو مفتتة.

قوله عز وجل:

[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٨ الى ١١]

عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً (٨) إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً (٩) وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٠) وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً (١١)

يقول الله عز وجل لبقية بني إسرائيل عَسى رَبُّكُمْ إن أطعتم في أنفسكم واستقمتم أَنْ يَرْحَمَكُمْ وعَسى ترّج في حقهم وهذه العدة ليست برجوع دولة وإنما هي بأن يرحم المطيع منهم، وكان من الطاعة اتباعهم لعيسى ومحمد فلم يفعلوا وعادوا إلى الكفر والمعصية، فعاد عقاب الله فضرب عليهم الذل وقتلهم وأذلهم بيد كل أمة، وهنا قال ابن عباس سلط عليهم ثلاثة ملوك، و «الحصير» فعيل من الحصر فهو بمعنى السجن أي يحصرهم، وبنحو هذا فسر مجاهد، وقتادة وغيرهما، ويقال «الحصير» أيضا من الحصر للملك ومنه قول لبيد: [الكامل]

ومقامة غلب الرقاب كأنهم ... جن لدى باب الحصير قيام

ويقال لجنى الإنسان الحصيران لأنهما يحصرانه ومنه قول الطرماح: [الطويل]

قليلا تتلى حاجة ثم غولبت ... على كل معروش الحصيرين بادن

وقال الحسن البصري في الآية: أراد به ما يفترش ويبسط كالحصير المعروف عن الناس.

قال القاضي أبو محمد: وذلك الحصير أيضا هو مأخوذ من الحصر، وقوله تعالى: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>